نعيش
اليوم ثورة التفجّر المعرفي بأطيافها
كافة، ويتجلّى ذلك في التقدّم العلمي الذي
حققه الإنسان في مختلف مجالات الإبداع
البشري، ومع أننا نعيش هذا العصر، مازلنا
بعيدين كلّ البعد عن هذا السباق، فمجتمعنا
مازال يعاني من أمراض اجتماعية متعدّدة
أصابته بالوهن، ومن أبرز هذه الأمراض تفشي
ظاهرة الأمية التي تعدّ أحد أهم عوائق
نهوض وتنمية مجتمعاتنا، وهي من المشاكل
التي تعاني منها المجتمعات النامية بشكل
خاصن ولا تزال تتغلغل داخلها مرضاً مزمناً
متجذراً في صميم واقعها الاجتماعي، وتمتد
جذورها إلى أعماق واقعنا الاجتماعي، وتقف
سداً منيعاً في وجه عملية التنمية
الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
40 % من نساء الرقة يعانين من الأمية
تعدّ محافظة الرقة من أكثر المناطق التي
تتفشّى فيها الأمية، وقد تربّعت بشكل دائم
على عرش المحافظات الأكثر أمية، وتشير
الإحصاءات الصادرة عن المكتب المركزي
للإحصاء في العام 2009 إلى أنّ نسبة
الأمية تصل فيها إلى نحو 27.6 % من إجمالي
عدد سكان المحافظة للشريحة العمرية
المستهدفة من 15 إلى 45 سنة، وتزيد النسبة
لتصل إلى نحو ثلث عدد السكان، في حال
احتساب الشريحة العمرية ما فوق 45 عاماً،
وفي مقارنة بين الجنسين تصل نسبة الأمية
بين الإناث، للشريحة العمرية بين 15ـ 45
سنة، إلى 40 %، وتتجاوز النصف في حال
احتساب ممّن هنّ فوق سن 45 سنة، فيما
تنخفض عند الذكور إلى 12 % للشريحة
المستهدفة ذاتها.
التسرب المدرسي منبع الأمية
وأوضح أحمد السعيد، رئيس دائرة تعليم
الكبار في مديرية ثقافة الرقة، أنّ هناك
أسباباً عديدة تؤدي إلى ارتفاع نسبة
الأمية بين الإناث في المحافظة؛ أهمها
دوافع العمل، وكسب الرزق، والتخلف
الاجتماعين وهذه من أهمّ العوامل الأساسية
التي تسهم بشكل مباشر في تفشّي الأمية،
كما يرفد التسرّب المدرسي من التعليم
الأساسي الأمية بشكل دائم بأعداد كبيرة من
الأميين الجدد، ويؤدي التساهل في تطبيق
قانون التعليم الإلزامي إلى ارتفاع معدلات
التسرب المدرسي، وبالتالي تعميق الفجوة
بين أعداد الأميين، وإمكانات دائرة تعليم
الكبار المتواضعة أصلاً، ويزيد من معاناة
الأطفال، ويسهم في تكريس جهلهم وتخلّفهم.
وبيّن السعيد أنّ الازدياد الكبير في عدد
السكان، وارتفاع معدل النمو السكاني في
محافظة الرقة، ينعكس سلباً على مكافحة
الأمية، حيث بلغت نسبة النمو السكاني أكثر
من 3.7 %، وهي من المعدلات المرتفعة، كما
يقارب متوسط عدد أفراد الأسرة في الرقة 7
أشخاصن ما شكّل عبئاً مادياً كبيراً على
أرباب الأسر، دفعهم إلى تشغيل أبنائهم
وإخراجهم من المدارس في سنٍّ مبكرة.
بالأرقام
بلغ عدد دورات محو الأمية المفتتحة في
المحافظة، خلال هذا العام، 328 دورة من
أصل الخطة البالغة 550 دورة، تشمل نحو 14
ألف شخص، كما بلغ عدد الدورات المفتتحة
بالمشاركة مع برنامج الغذاء من أجل
التعليم 39 دورة.
نظرة اجتماعية قاصرة
من جهتها، أشارت ياسمين الحمود (معلمة في
ريف المحافظة) إلى أنّ مشكلة الأمية في
الريف ستستمرّ وستتزايد ما لم تتغير تلك
النظرة الاجتماعية القاصرة لأبناء الريف
لفتياتهم، فهنّ مجبرات على ترك المدرسة
منذ الصفوف الأولى للتعليم الأساسي، لأنّ
ذهابهنّ إلى المدرسة بعد سن 12 عاماً
يتنافى مع الأعراف والتقاليد، كما أنّ
تساهل مديرية التربية في تطبيق قانون
إلزامية التعليم هو ممّا شجع على ازدياد
هذه الظاهرة، وهناك أسباب أخرى خارجة عن
إرادتهم، وخاصة أهل الريف الذين يعيشون في
قرى بعيدة ومتناثرة، وهو عدم وجود مدارس
للحلقة الثانية في قراهم، وبالتالي فإنّ
الفتاة لا تستطيع إكمال دراستها خارج نطاق
قريتها. وأكدت الحمود أنّ اجتثاث الأمية
يتطلب إطلاق حملة شاملة لمكافحة الأمية
تشارك فيها الفعاليات الرسمية
والاجتماعية، وإيقاف التسرب المدرسي الذي
يعدّ الرافد الأساسي للأمية، من خلال
تفعيل قانون التعليم الإلزامي، وزيادة
الغرامات والعقوبات بحق المخالفين، وإيجاد
حوافز حقيقية للدارسين، كالمكافآت المادية
والعينية، وربط محو شهادة منح الأمية
بمعاملات وقضايا تهمّ المواطنين، كشهادة
قيادة السيارات، ومعاملة الزواج... فيما
يرى المدرس فيصل العلي أنّ الفقر هو
المنبع الأساسي لهذه الآفة، فلا يمكن أن
تتفشّى الأميّة إلا في المجتمعات الفقيرة،
وفي ريف الرقة تُحرم الفتاة متابعة
تعليمها كي تدخل العمل في الحقول
الزراعية، خاصة أنّها تعيش ضمن أسرة تتصف
بكثرة عدد أفرادها، ومحدودية دخلها، ولا
يمكن أن يكون هناك أقبال على دورات محو
الأمية ما لم يتمّ وضع حوافز مادية توازي
الدخل اليومي للعاملة الزراعية.
في حمص لا توجد أسرة لا ترغب في تعليم
بناتها
دائما تُعرَف المجتمعات بتطوّرها في مستوى
التعليم، الذي يعدّ ركيزة أساسية من ركائز
التطوّر، بل تقدّمها في المجالات كافة،
وخاصة إن شمل التعليم الذكور والإناث، وفي
المدينة والريف، وهنا السؤال الكبير عن
أحوال ونسبة تعلّم الفتيات في الريف
السوري.
في حمص، وبحسب سهيل محمود، مدير تربية
حمص، فإنّ الأرقام تشير إلى أنّه يبلغ عدد
الإناث، في إجمالي مدراس المحافظة في
مرحلة التعليم الأساسي، 182501 طالبة (في
1290 مدرسة)، مقارنة بـ 193698 طالباً،
كما أنّ نسبة تعلّم الفتيات في التعليم
الثانوي في محافظة حمص يبلغ 20002 طالبة،
في 162 مدرسة، مقارنة بـ 15753 طالباً،
بينما يبلغ تعليم الفتيات في التعليم
الثانوي المهني الصناعي في مدينة حمص 209
طالبات، مقارنة بـ 3219 طالباً، بينما في
ريف حمص يبلغ العدد 216 طالبة، مقارنة
بـ3050 طالباً في 13 مدرسة في ريف حمص،
وبالنسبة إلى التعليم الثانوي المهني
التجاري، تبلغ نسبة الإناث في مدينة حمص
1268 طالبة، مقارنة بـ 1185 طالباً، في 7
مدراس، بينما يبلغ عدد طالبات التعليم
الثانوي المهني التجاري في الريف 381
طالبة، مقارنة بـ 280 طالباً في 6 مدارس،
بينما يبلغ عددهنّ في التعليم الثانوي
المهني النسوي في مدينة حمص 1674 طالبة،
في 8 مدارس، و1523 طالبة في ريف المحافظة
في24 مدرسة، كما يبلغ عدد الطالبات في
إجمالي المعاهد في محافظة حمص 1746 طالبة
مقارنة بـ 1678 طالباً في 6 معاهد في حمص.
وأضاف مدير تربية حمص أنّ ما يُشاع من
تأخّر تعليمي في الأرياف في حمص غير صحيح،
حيث الأرقام في حمص تؤكّد أنّه لا يوجد من
لا يعلم ابنته في الريف، بل على العكس
تماماً أصبح حرص الأسرة أكثر على تعلم
الفتيات على التوازي مع الذكور.
وأوضح محمود أنّ أرقام حلقات التعليم
الأساسي والثانوي تدلّ على أنّها متقاربة
بين الذكور والإناث، وهو دليل على أنّه لم
يعد هناك أسرة تقبل أن يكون أبناؤها خارج
المدرسة، خاصة أنّ حالات التسرّب أصبحت
قليلة، بعد المرسوم الرئاسي المتعلق بمدّ
التعليم الإلزامي حتى نهاية الصف التاسع.
وأشار مدير تربية حمص إلى أنّه لا يمكن
إنكار وجود بعض الأعراف والعادات
الاجتماعية التي تسمح للفتيات بالزواج في
سنّس مبكرة، لكنّ هذه الظاهرة بدأت تنحسر
بل تنعدم في بعض مناطقنا الريفية، لذا
أصبح على الجميع الاهتمام بتعلّم الطالب
والطالبة، التي ستكون في المستقبل الأمّ
والأخت والمربية، وإذا كانت تفتقر إلى
الجانب العلمي فإنها ستتسبب في مشكلة في
تعليم الأبناء.
وعن الجهود المبذولة للتوعية، أوضح محمود
أنّ الأهم في وقتنا الحالي التركيز
الإعلامي على أهمية التعليم في الريف عبر
الانتشار الإعلامي الذي وصل كلّ منزل في
الريف، وهو يحقق فوائده أكثر من المحاضرات
التي لا يمكن الاعتماد عليها وحدها،
مشيراً إلى أنّ الاهتمام بالريف وصل إلى
البادية، كما إلى تدمر، حيث يوجد 8 خيم
متنقلة مع مدرسة داخلية على نفقة الدولة
لتعليم كلّ بنات البادية.
وبرأي المدرّسة رامية إبراهيم، المدرّسة
في ثانوية المخرم الفوقاني للبنات، أكدت
أنّ نسبة الفتيات المتعلمات في الريف في
ازدياد طردي، وذلك لارتفاع سنّ التعليم
الإلزامي إلى نهاية المرحلة الإعدادية من
جهة، وارتفاع مستوى الوعي لدى الأهالي في
الريف، مع أنّ ذلك يختلف بين قرية وأخرى.
حيث في بعض القرى تعدّ مسألة تعليم الفتاة
أمراً مؤقتاً، ريثما تصبح في سنّ الزواج،
بينما في قرى أخرى، يعتبر بعض الأهالي
التعليم ضرورة ملحة من واجبهم تأمينه
لأبنائهم لرفع المكانة الاجتماعية
والفكرية والثقافية، مضيفةّ أنّ للأهل دور
مهم في التوعية، لكن الدور الأكبر يقع على
عاتق المدّرس، لأنّ الأهل مقيّدون بعادات
وطرق معيشة قد تضطرهم إلى عدم متابعة
تعليم بناتهم، كازدياد عدد الأولاد أو
انفصال الوالدين، لذا يأتي هنا دور
المدّرس الذي مازال خجولاً بشأن التدخل في
هذه الأمور، حيث يقع عليه العبء الأكبر من
خلال زيادة الوعي لدى التلاميذ بضرورة
التعليم لبناء الإنسان الذي هو نواة
المجتمع. وختمت المدّرسة بالقول: أنا
متفائلة جداً بأن يصبح العلم والتعلّم
هاجس كلّ الفتيات الريفيات من جهة أولى،
لِمَا تقدّمه وزارة التربية للمدارس
الريفية من تجهيزات مدرسية على سوية عالية
وكوادر تعليمية ذات كفاءة، لا تقل شأناً
عمّذا يتوافر في مدارس المدينة، ومن جهة
ثانية ما تمتلكه الفتيات الريفيات من
إمكانات وطاقات عقلية ونفسية يوفرها الريف
لأبنائه.
تعليم الفتيات في ريف ديرالزور يتقدّم..
وينافس
يقرّ الجميع بأنّ تعليم الفتيات في ريف
ديرالزور تحسّن بشكل كبير خلال السنوات
الأخيرة، وإن وجدت اختلافاتٌ بين هذه
القرية أو تلك، وهذا الأمر أيّدته آراء
المعلمين الذي جرّبوا التدريس في مدارس
ريفية عدة.
المعلم صالح الحمدي قال بأنّ هناك
اهتماماً متزايداً من قبل أبناء الريف في
مسألة التعليم بشكل عام، وكان للفتيات
النصيب الأكبر، وبالتالي أزيلت حالة
الحرمان من دخول المدرسة التي كانت منتشرة
سابقاً.
في هذا الإطار، تقول المعلّمة هبة الجاسم
إنّ الإناث يتفوّقن على الذكور في ريف
ديرالزور في كثير من الأحيان، وأرجعت
السبب إلى التهديد الذي يتبادر إلى
أسماعهنّ باستمرار، ويتلخّص بأنّ البيت
سيكون المصير الوحيد لهنّ عندما تكون
نتائجهنّ النهائية ضعيفة، وبمعنى آخر لا
توجد لديهنّ فرصة أخرى للتعويض.
أبو عبد الله، الذي يقطن في قرية قريبة من
ديرالزور أشار إلى أنّ توافر المدارس في
القرية، شجّع على تدريس الفتيات، عدا
الوعي المنتشر حالياً، واقتناع الأهالي
بأنّ التعليم يزيد من قدرة الفتاة على
مواجهة الحياة المستقبلية، وتدريس أولادها
فيما بعد.
الغريب في هذا المجال ما ذكره بعض
المواطنين بأنّ المعارضة الأكبر - إن وجدت
داخل الأسرة الريفية - فإنّها تكون من
الأمّ أكثر من الأب، وهي تفعل ذلك رغم
معاناتها سابقاً من حرمانها التعليم،
وبالتالي تحارب بعض النساء تعليم الفتيات
أكثر من الذكور، دون وجود أسباب مقنعة.
الأرقام التي زوّدتنا بها مديرية تخطيط
ديرالزور تشير إلى أنّ العام الدراسي
الحالي في ريف المحافظة شهد التحاق نحو
161 ألفاً من الذكور، ويقابله 138774 من
الإناث؛ أي بنسبة 46 % من العدد الإجمالي
للملتحقين.
هذه الأرقام تقول بأنّ الأيام القادمة
ستشهد ـ ربما ـ تفوّق الإناث عددياً، إذا
بقيت الأعداد تتطوّر وتتقدّم، خاصة مع
وجود حالة الإهمال واللامبالاة بالتعليم
الموجودة لدى عدد كبير من تلاميذ الريف.
من جانب آخر، قال محمد الشاهر، رئيس شعبة
التعليم الإلزامي في مديرية تربية
ديرالزور، إنّ دخول الإناث المدارسَ ازداد
بشكل كبير، وربط هذا الأمر بوجود عوامل
عدّة؛ أهمها انتشار الوعي بين الأسر،
وتحسّن الوضع الاقتصادي، وانفتاح المجتمع
الريفي نحو التطورات التكنولوجية وتأثره
بها، إضافة إلى تشديد العقوبات في قوانين
التعليم الأساسي، ورفع سنّ التعليم
الإلزامي إلى الصف التاسع، كما تطرّق إلى
بعض المشاريع التي ترتبط بهذا الموضوع، من
بينها مشروع تعليم الفتيات، الذي تمّ
بالتعاون مع منظمة اليونيسف منذ العام
2001، وحتى 2006 ليتمّ تمديده بعد ذلك سنة
أخرى، ومن ثمّ تابعت مديرية التربية العمل
به، وافتتح في هذا الإطار 76 شعبة للعام
2009 - 2010، وتضمّ 908 دارسات، وتشمل
متسرّبات من التعليم في الوقت الحالي
وسابقاً.
أرقام مديرية التربية الشاملة للمحافظة،
ريفاً ومدينة، تشير إلى أنّ عدد الذكور
حتى الصف التاسع بلغ نحو 174 ألفاً،
والإناث 156790، ونسبة استيعاب الذكور
والإناث حوالي 97 %، وهذه الأرقام تعدّ
مرتفعة إذا ما تمّت مقارنتها بالسنوات
والعقود السابقة.
بغضّ النظر عن الأرقام والإحصاءات، فإنّ
دفع الفتيات إلى التعليم، يشير إلى أنّ
المسؤولية لا تقع على المعنيين بالواقع
التربوي فقط، بل تحتاج إلى مشاركة مختلف
القطاعات من أجل تحسين الواقع الاقتصادي
والخدمي لمناطق الريف، وينتج عن ذلك زيادة
أعداد الفتيات المتعلمات؛ أي أنّ خطوة
التعليم من المفترض تزامن حصولها مع خطوات
أخرى مساعدة ومساندة.. ومؤيّدة.
161 ألفاً عدد الذكور الملتحقين في
المدرسة للعام الحالي
138 ألفاً عدد الإناث الملتحقات في
المدرسة للعام الحالي
46 % نسبة الإناث في المدارس للعام الحالي
76 عدد الشعب الإضافية للإناث للعام
2009-2010
في اللاذقية.. نسبة التسرب من المدرسة لا
تتجاوز 2 %
تشير إحصاءات دائرة التعليم الإلزامي في
مديرية التربية في اللاذقية؛ إلى أنّ نسبة
تسرّب الفتيات في مدارس ريف اللاذقية
(حلقة أولى) تبلغ 1 % فقط، فيما تبلغ
النسبة في مدارس الحلقة الثانية 4 %،
وتعدّ نسبة تسرب الفتيات في مدارس الريف
أقلّ من نظيرتها في المدينة، التي تبلغ 2
% لطالبات الحلقة الأولى، و4 % لطالبات
الحلقة الثانية، علماً بأنّ عدد مدارس
منطقة اللاذقية تعدّ أكبر من مثيلتها في
المدينة، حيث يبلغ عدد المدارس في الريف
195 مدرسة، مقابل 121 مدرسة في المدينة.
ويبلغ عدد الفتيات في مدارس ريف اللاذقية
(حلقة أولى وثانية) 12018 طالبة، مقابل
37762 طالبة في مدارس المدينة، ويبلغ عدد
المتسرّبات في مدارس الريف 195 طالبة؛ أي
بنسبة تسرّب 2 %، مقابل 609 متسرّبات في
المدينة؛ أي بنسبة 2 %.
وتشير تلك الأرقام والإحصاءات، وفقاً
لكلام حسان حسن، رئيس دائرة التعليم
الإلزامي في مديرية التربية في اللاذقية؛
إلى أنّ الوضع التعليمي، بالنسبة إلى
فتيات ريف اللاذقية، يعدّ رائعاً جداً،
ولا سيّما أنّ نسب التسرّب تعدّ منخفضة
جداً، وهذا يدلّ على مدى الوعي الحاصل بين
أبناء وأهالي الريف الساحلي، فيما يتعلّق
بتعليم الفتاة، ودورها في بناء المجتمع.
وتؤكّد المُدرّسة هناء بديوي (تدّرس في
قرية جبريون) أنّ وعي الأهالي في القرية
التي تدّرس فيها يعدّ كبيراً جداً، ولا
سيّما فيما يتعلق بتعليم الفتاة، حيث
يتابع الأهالي وضع تعليم بناتهم عن قرب،
ويحضرون اجتماعات أولياء الأمور بشكل
دوري، إضافة إلى متابعتهم دراستهم بناتهم
داخل المنزل، والدليل على ذلك نتائج
الاختبارات التي تكون مرتفعة لدى الفتيات
في أغلب الأحيان، وأشارت إلى أنّ غالبية
قرى الساحل السوري أصبحت تتمتّع بوعيٍ
كبيرٍ فيما يتعلّق بتعليم الفتيات، وأصبح
للفتاة حقوق وواجبات وحرية تامة في كافة
خياراتها، حتى إنّ فتاة الريف أصبحت تنافس
فتاة المدينة، بل وتتفوّق عليها أحياناً،
فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي والوعي
العلمي، ولكن، رغم ذلك، يبقى هناك بعض
القرى التي لا تزال تئنّ تحت وطأة بعض
العادات القديمة التي تعتمد على بعض
المقولات البالية، مثل «الفتاة مالها غير
بيت زوجها»، لأجل ذلك يتمّ إخراج الفتاة
من المدرسة في سنّ صغيرة ليتمّ تزويجها
باكراً.
ويؤكد علي ناصر، مدير التربية في
اللاذقية، أنّ الساحل السوري يعدّ من
المناطق الرائدة على المستوى العلمي،
بالنسبة إلى الذكور والإناث، وتلك الريادة
تعدّ نتيجة حتمية للوعي الكبير والتقدّم
الفكري الذي يتمتّع به أهالي اللاذقية،
حيث أصبح الجميع مدركاً تماماً أهميّة
العلم في بناء شخصية الإنسان، وتحسين
الوضع المعيشي له، ولا سيّما أنّ محافظة
اللاذقية تعدّ ضعيفة من الناحية الصناعية
والزراعية، وبالتالي أصبح هناك توجّهٌ إلى
الوظائف الحكومية التي تحتاج إلى دراسة
وشهادات علمية، الأمر الذي أدّى إلى رفع
مستوى التعليم في المحافظة ككلّ، بالنسبة
إلى الذكور والإناث في الريف والمدينة على
حدٍّ سواء. |