أخبار الوطن الرئيسية

03/07/2011

 

خدام: من الصعب حدوث انقلاب عسكري ولكن القوات المسلحة ستتفكك

 

زار عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري، بروكسل مؤخرا، في زيارة هي الثالثة له خلال الأسابيع القليلة الماضية، اعتاد خلالها إجراء محادثات ومشاورات مع فعاليات مختلفة، يفضل دائما عدم الحديث عنها. وعلى هامش الزيارة التقته «الشرق الأوسط» وأجرت معه الحوار التالي:
* ذكرت قبل عدة أيام أن هناك مشاورات في الداخل لتشكيل مجلس حكم انتقالي في سوريا، كيف سيعمل هذا المجلس ويرى النور ما دام النظام السوري لا يزال متماسكا عسكريا وأمنيا؟
- المشاورات التي تجري في الداخل حول تشكيل هيكلية تساند الثورة وتعمل على تحقيق أهدافها في مرحلتي العمل على إسقاط النظام وفي مرحلة إدارة البلاد بعد سقوطه خلال بضعة أشهر، للانتقال إلى وضع دستوري عبر إجراء انتخابات حرة. ويكون من مهام هذه التشكيلة خلال المرحلة الانتقالية، إصدار القرارات والقوانين واتخاذ الإجراءات الهادفة لإطلاق حرية العمل السياسي في جميع المجالات، بما في ذلك حرية تشكيل الأحزاب وإطلاق حرية الإعلام وإلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي تتعارض مع شرعة حقوق الإنسان، وتحول دون عودة السوريين المقيمين في الخارج بما في ذلك إلغاء جميع القرارات الصادرة عن محاكم أمن الدولة والقضاء العسكري والمدني ذات الصلة لأسباب سياسية، وكذلك وضع مشروع قانون للانتخابات وإطلاق سراح جميع سجناء الرأي. هذه القوانين والقرارات تشكل الأساس لإجراء انتخابات حرة، بالإضافة إلى إحالة جميع مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوري وجرائم الإثراء غير المشروع إلى القضاء، وطبيعي هذا الأمر. وأعتقد أن أطراف المعارضة في الخارج الحريصين على دعم الثورة سيشجعون في إقدام قيادات الداخل على تشكيل هذه الهيكلية.
* ما علاقتك ومداها في هذا المجلس، وهل تعتقدون أن المجتمع الدولي سيعترف به كما اعترف بالمجلس الانتقالي في ليبيا؟
- كما أشرت، تشكيل هذه الهيئة هو من مسؤولية قيادات الداخل، ولا شك في أنني أشجع على تحقيق هذه الخطوة، لأنها ستشكل تحولا مهما في تطورات الأحداث في سوريا وفي المنطقة.
* هل يضم المجلس عسكريين أم أنه سيكون فقط من شخصيات مدنية؟
- أنا أشرت إلى ما يجري في الداخل بين المدنيين وليس بين العسكريين، لأن العمل في القطاع العسكري له خصوصيات ترتبط بطبيعة هذا القطاع وبتكوينه وبأطرافه.
* هناك معلومات تشير إلى أن لواء أو حركة الضباط السوريين الأحرار بدأت تتحرك كمقدمة لانقلاب عسكري، فهل هذا ممكن؟
- حركة الضباط الأحرار هي خطوة يقوم بها عدد من العسكريين في إطار العمل الوطني لإنقاذ الوطن، وموضوع التغيير مرتبط بعوامل عديدة، والعامل العسكري أحد أبعادها. وباختصار، جملة عوامل ستؤدي إلى التغيير، ولكن من الصعوبة القول بإمكانية حدوث انقلاب عسكري. والأكثر إمكانية هو حدوث تفكك في القوات المسلحة بسبب الانعكاسات الوطنية والنفسية لدى العسكريين، إذ إن الكثيرين يتساءلون إلى أين يأخذهم بشار الأسد، وكلمة إلى أين ستقود إلى تساؤل آخر، وهو: ما العمل؟ وبالتالي، الجيش يقترب من هذه الحالة - كما أشرت - لأسباب وطنية ونفسية، بالإضافة إلى أسباب مادية. فالدولة التي أصبحت على أبواب الإفلاس سيأتي يوم قريب لن تكون قادرة فيه على توفير الحدود الدنيا من متطلبات العمل العسكري.
* ما علاقتها بالمجلس الانتقالي أم أنها الشق العسكري من المجلس الذي تحدثت عنه؟
- الآن، ليس هناك حديث عن شق عسكري، وإن كان جميع السوريين يرحبون بأن يتمكن العسكريون الوطنيون الذين لم تنقطع روابطهم بالوطن أو الذين شعروا بأن تنفيذهم لتعليمات قيادات النظام قد أوقعت الوطن في خطر كبير، بأن يتمكن هؤلاء جميعا من تشكيل هيكلية عسكرية لهم تساعد في تحقيق التغيير وانتصار الثورة.
* بالنسبة لقرار مجلس الأمن والموقف الروسي، هل تعتقد أن روسيا ستستخدم حق النقض (الفيتو)، ولماذا؟
- روسيا تقوم بدور سيكون مؤذيا لمصالحها المستقبلية في سوريا وفي المنطقة، وهي تفعل متوهمة أن النظام سيستمر، وأنها ستمارس الدور الذي مارسه الاتحاد السوفياتي في المرحلة السابقة. وهذا الأمر لن يحدث نظرا لاختلاف طبيعة المرحلتين، ولكن أعتقد أنه بنهاية المطاف لن تستطيع روسيا مقاومة الضغوط التي ستتزايد عليها سواء من المجتمع الدولي أو من الرأي العام العربي، وستفعل ما فعلته مع ليبيا.
* العلاقات السورية - التركية تعيش أزمة غير مسبوقة. هل تعتقد أن تركيا يمكن أن تدخل في مواجهة مع النظام السوري إذا استمر الاستفزاز السوري لتركيا عبر الوجود العسكري على مقربة من الشريط الحدودي معها؟
- الحكومة التركية اتخذت سلسلة من المواقف المهمة التي يقدرها السوريون تقديرا عاليا، في الوقت الذي تصمت فيه الحكومات العربية. ولكني أعتقد أن الأمر لن يصل إلى مرحلة الصدام إلا في حالتين: إذا قام النظام بالاعتداء على اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، أو إذا اتخذ المجتمع الدولي قرارا بحماية الشعب السوري وتمكينه من تحقيق طموحاته. فعندئذ أتوقع أن تكون تركيا وبحكم موقعها الإقليمي والدولي، شريكة في تنفيذ القرارات الدولية.
* هل تقف إيران مكتوفة الأيدي لو تدخلت تركيا عسكريا في سوريا؟ وبماذا تفسر تصريحات مسؤولين من حزب الله بأنهم لن يبقوا متفرجين في حال تعرض النظام السوري لعمل عسكري؟
- إيران قلقة على مصير النظام في سوريا، وتدرك القيادة الإيرانية أن سقوط النظام سيؤدي إلى سقوطها... وستخسر سوريا كحليف أساسي ساعدها في الهيمنة على لبنان، وستخسر لبنان، لأن مجرد سقوط النظام في سوريا سيغير المعادلة القائمة في لبنان وسينحسر حزب الله. وبالتالي، ستفقد إحدى قواعدها الاستراتيجية المهمة على ساحل المتوسط وعلى حدود فلسطين.. أما ماذا ستفعل إيران لمساندة بشار الأسد؟ فهي فعلت ما تستطيعه، وعليه فهي لن تخوض حربا من أجله، لأنها تدرك أن التورط في الحرب ستكون له نتائج وخيمة. وهي منذ انتهاء الحرب بينها وبين العراق تجنبت الانزلاق إلى صدامات عسكرية واستخدمت أنصارها المنتشرين في العالمين العربي والإسلامي في نشر أفكارها والدفاع عن مصالحها. أما تهديد حزب الله بأنه لن يقف مكتوف الأيدي، فهو يعكس حالة الخوف لدى هذا الحزب، وتدرك قيادته أن اللعب بأمن سوريا هو ليس كاللعب بأمن بيروت.
* المعارضة السورية في الداخل وفي الخارج تؤكد مرارا وتكرارا رفضها التدخل الأجنبي في سوريا، فبماذا تفسر ذلك، ومن يستطيع حماية المدنيين في مواجهة النظام؟
- شعار عدم التدخل الأجنبي أطلقه النظام لحماية نفسه ووقع في الفخ كثير من المعارضين السوريين. التدخل الأجنبي بأهداف استعمارية أمر مرفوض في كل الأحوال. ولكن تدخل المجتمع الدولي وفق ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان - هو أمر مختلف تماما... أنا أؤكد أن الغالبية الساحقة من السوريين تتطلع إلى تدخل المجتمع الدولي، لأن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى حالة خطيرة تدفع الكثيرين إلى الاندفاع نحو التطرف. لكل ما في ذلك من أخطار على سوريا، لأن في هذه الحالة علينا أن نتصور حجم الدماء التي ستسيل وحجم الدمار الذي سيقع.

المصدر:الشرق الاوسط السعودية -  أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري