اعتبر هوشنك أوسي الكاتب والصحافي
الكردي السوري المعارض في تصريح خاص
لـ"ايلاف" أن حزب العدالة والتنمية
الإسلامي الحاكم في تركيا، وبالتنسيق مع
جماعة الأخوان المسلمين، أعلن عن المجلس
الوطني السوري في منتصف الشهر الجاري، قبل
انعقاد جلسة المجلس الموسّع لهيئة التنسيق
الوطنيّة لقوى التغيير الديمقراطي في ريف
دمشق، بيوم واحد. وقال:" هذه ليست مصادفة.
بل الهدف من وراء ذلك، هو سحب البساط من
تحت المعارضة الحقيقيّة في الداخل السوري،
باعتبار هيئة التنسيق الوطنيّة، اكبر
تكتّل سياسي معارض في سورية، لكونها تضمّ
نحو 15 تكوينا سياسيا عربيا وكرديا،
بالاضافة الى العشرات من الشخصيّات
الثقافيّة والسياسيّة العربيّة والكرديّة
المستقلّة، البارزة والمهمّة".
وأضاف:" ولدى هذا التكتّل تحفّظات كثيرة
على الدور والتدخّل التركي في شؤون
المعارضة السورية". ورأى" أن جزءا مهما
واستراتيجيا من تشتت المعارضة السوريّة
وعدم التئامها تحت سقف واحد، تتحمّله
تركيا وحزب عدالتها وتنميتها، وجماعة
الاخوان المسلمين الموالية لها، والمنصاعة
تماماً للأجندة الأردوغانيّة _ التركيّة.
وهذا الرأي، هو خلاف ظاهر المشهد السياسي،
ولا يستسيغ سماعه كُثُر، بخاصة منهم،
المتورّطين في الدفع بالاجندة التركيّة
داخل سورية، والتهافت على التسويق لها".
وأضاف " أنه من غير المبرر والمنطقي، أن
تضيق الدنيا بالمعارضة السورية، ولا يوجد
هنالك مكان في العالم، تنعقد فيه مؤتمرات
المعارضة السورية، ما عدا تركيا!!. بل إن
الاصرار على تركيا مكاناً لعقد مؤتمرات
المعارضة السوريّة، لا تبرره تلك
المسوّغات السقيمة والممجوجة، من طينة؛ إن
تركيا، بلد جار، مسلم، وذو وزن إقليمي...!،
بل الحقيقة أكبر وأخطر وأبعد من ذلك بكثير.
وهي أن جماعة الاخوان المسلمين، تستقوي
بتركيا، ومن خلفها بأميركا والحلف الاطلسي،
على المعارضة السورية!. والأخيرة، مهزوزة
وضعيفة أمام الأخوان، ولا إبداء الموقف
الحازم حيال ذلك، بحجّة الإجماع والتوافق
الوطني، وأننا نعيش زمن الثورة، وإن
النظام السوري قاتل...، وما إلى ذلك!.
وبقدر ما كان نظام بشار الاسد، مُذعناً
ومنصاعاً ومنقاداً، بشكل لاهث وأعمى،
لأنقرة، بقدر ما تجسّد جماعة الاخوان
المسلمين الآن، ما كان عليه النظام السوري
في علاقته السابقة مع إردوغان ونظامه".
وأشار الى أنه "حتّى ان بعض التسريبات
الاعلاميّة، ذكرت أن الحكومة التركيّة،
عقدت اتفاقاً سريّاً مع جماعة الاخوان
المسلمين السوريّة، يقضي بعدم المساس
باتفاقيّة أضنة الامنيّة التي أبرمها حافظ
الاسد مع تركيا، خريف 1998، ووجدت
تطبيقاتها العمليّة على زمن حكم بشّار
الأسد. وهذا الاتفاق، تضمّن ملاحق سريّة
تتعلّق بتنازل سوريا عن لواء اسكندرون، من
خلال الاعتراف بعدم وجود مشاكل حدوديّة مع
الجانب التركي. فضلاً عن التعاون الأمني
في مكافحة الإرهاب، والمقصود هنا حزب
العمال الكردستاني".
ويسمح الاتفاق أيضاً، بحسب أوسي،" للجيش
التركي بدخول الأراضي السوريّة لتعقُّب "الإرهابيين"
حتّى عمق 15 كم، بينما لا يُعطى الجانب
السوري حقا مماثلاً!. وقد وصِفَ الاتفاق،
في حينه، بأنه "كامب ديفيد سوري _ تركي"
على غرار اتفاقيّة كامب ديفيد بين مصر
وإسرائيل، لجهة حجم تفريط النظام السوري
بالحقوق الوطنيّة السوريّة. الآن، جماعة
الاخوان المسلمين، وكل من يدور في فلكها،
ينحون هذا النحو، والحلول محلّ النظام
السوري في تطبيق اتفاقيّة أضنة المهينة
والمشينة لسورية وسيادتها الوطنيّة. يعني،
انها هي أيضاً، تريد أن تبقي دمشق، رهينة
في أحضان حزب العدالة والتنمية، مثلما
جعلها بشّار الأسد. وكأنّه لا يوجد خيار
أمام الشعب السوري والمعارضة السوريّة، في
جعل دمشق رهينة إمّا في يد طهران أو أنقرة!؟".
وأكد أنه "عليه، كل ما سبق من مؤتمرات
للمعارضة السوريّة، وتوابعها واللاحق منها
أيضاً، كلّها، لم ولن تكون بمنأى عن
الوصاية التركيّة، التي بالتأكيد ستكون
بالضدّ من الحقوق القوميّة الكرديّة
والسريانيّة والتركمانيّة، في نظام ما بعد
الأسد. وبالتأكيد ستكون بالضدّ من أن يكون
نظام مابعد الأسد، علمانيا، ديمقراطيا،
تعدديا، وطنيا. وبالتالي، يمكن وصف مؤتمر
المجلس الانتقالي الذي سينعقد في اسطنبول
في 29 الشهر الجاري، بأنه تتمّة لمؤتمرات
اسطنبول 1 وانطاليا واسطنبول 2 واسطنبول
3...، وينطبق عليه وصف الانتقالي، قلباً
وقالباً، لجهة الانتقال من سورية الرهينة
في يد تركيا، بمعية نظام بشّار الأسد، الى
سورية الرهينة بيد تركيا، بمعيّة جماعة
الاخوان المسلمين".
ورأى اوسي"أن واشنطن، قد أطلقت يد أنقرة
في الشأن السوري، بعد مواقفة الحكومة
التركيّة على نصب الدرع الصاروخيّة على
أراضيها. والأزمة التركيّة مع اسرائيل،
مفتعلة، وسحابة خريفيّة، مغبرّة، وعابرة.
والأيّام القليلة القادمة، ستكشف ذلك".
وقال "في مطلق الأحوال، إذا تم تمرير
الاجندة التركيّة في سورية، سيكون الشعب
السوري كلّه خاسرا، وفي مقدّمتهم الكرد
والسريان والآشوريون والأرمن. وعليهم ألاّ
يحلموا بالاعتراف الدستوري بهم كقوميّات،
وبحقوقهم المشروعة في دستور مابعد نظام
الاسد. وستعترف أميركا بهذا المجلس الوطني
السوري "الاردوغاني". وستحذو أوروبا حذو
أمريكا. وسيترتّب على ذلك نتائج وخيمة،
أقلّها شأناً، أن يفرض إردوغان (معارضته
السوريّة) كممثل شرعي للانتفاضة/الثورة
السوريّة. لذا، تريد أنقرة استمالة بعض
الاطراف الاخرى من المعارضة الى صفّها،
وبل الى أجندتها وخندقها". ولفت الى أنه "سيكون
مؤتمر المجلس الانتقالي المنعقد في 29
أيلول/سبتمبر، غير مختلف عن "مؤتمر الحوار
الوطني" الذي نظّمه النظام السوري، لجهة
اشتماله على كل أصدقاء النظام السوري. حيث
سيكون مؤتمر اسطنبول ايضاً، "حوارا" بين
أطراف، منسجمة، ومتّفقة على الاجندة
التركيّة، و"كفى الله المؤمنين شرّ القتال".
أمّا في ما يخّص ما يمكن ان يعترض طريق
فرض الاجندة التركيّة على سورية، فهذا
حديث آخر، متروك لمناسبة أخرى". |