رأى رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب
وليد جنبلاط أن "الشعب المصري يتمتّع
بالحسّ الوطني العميق والوعي السياسي
والقومي الكبير، وهو من دون سابق إنذار أو
تحذير، إستبق أحزابه ونقاباته وقياداته
وغالب المثقفين وإندفع الى الشارع في حركة
عفوية إنما منظمة للمطالبة بحقوقه
السياسية البديهية"، لافتاً إلى أن "تشكيل
اللجان الشعبية طوعاً لحماية المتحف
الوطني والممتلكات العامة ما هو إلا
الدليل على عمق وعيه وحرصه على نجاح ثورته".
جنبلاط، وفي موقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء"
الصادرة عن الحزب التقدمي الإشتراكي،
اعتبر أن "إصرار الإعلام الغربي تسليط
الضوء على حالات النهب والسرقة التي قد
تحصل في أي تحرك شعبي ما هي إلا محاولة
غير مقبولة لتشويه صورة هذه الثورة
الشعبية التي تضم الفلاحين والعمال
والقضاة والمثقفين على حد سواء، والتي
وُلدت من رحم المعاناة السياسية
والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية"،
مؤكداً أن "الشعب المصري الكادح أثبت في
ثورته أنه أرقى بكثير من بعض المتظاهرين
في الغرب الذين ينهبون ويكسرون ويفلتون في
الشوارع".
وإستغرب جنبلاط "التفاهة التي يتحلى بها
البعض من المنظرين والمحللين
الاستراتيجيين الغربيين الذين يحذرون من
أن البديل المتوفر عن النظام الحالي هو
الحركات الاسلامية التي يحلو لهم توصيفها
بأنها متطرفة، بينما هي جزء من التاريخ
والتراث العربي والاسلامي والمصري"،
مطالباً إياهم بـ"الكف عن تقديم النصائح
وليترك للشعب المصري أن يحدد خياراته
السياسية".
وأكد جنبلاط أن "ثورة مصر بغنى أيضاً عن
نصائح المستشرقة هيلاري كلينتون لأنه
عندما انطلقت شرارتها من عمق الأحياء
والشوارع والساحات المصرية لم تكن تنتظر
صفارة الغرب لتتحرك، ولم تلهث وراء دعم
هذه الحكومة أو تلك"، معتبراً أن "هذا
ربما ما يفسر الارتباك الأميركي والفرنسي
في التعاطي مع هذه الثورة الناشئة التي
غيّرت كل المعادلات السياسية التي كانت
قائمة منذ سنوات طويلة خصوصاً لناحية دعم
النظام الذي رفع شعار تحييد مصر عن الصراع
العربي- الإسرائيلي بفضل إتفاقية كامب
دايفيد"
ووجّه جنبلاط "التحية الى الأزهر الشريف
لتفهمه غضب الناس وتوقهم الى الحرية"، كما
وجّه "التحية مضاعفة الى الجيش العربي
المصري، ذاك الجيش الوطني الذي قام بثورة
1952، ثورة الضباط الأحرار التي كادت أن
تغيّر وجه العالم العربي ومساره التاريخي
لولا التدخل الغربي في كل مفاصل المشروع
العربي لاسقاطه. وهو الجيش الذي واجه
إسرائيل ببسالة في العديد من المحطات
التاريخية بدءاًَ من معركة الفالوجة الى
السويس وصولاً الى محطة كبيرة في التاريخ
وهي معركة عبور القناة التاريخية، وهو
الجيش الذي لم ينزلق مرة الى قمع الشعب
المصري أو الى تكبيله".
ورأى جنبلاط أن "الفرصة التاريخية سانحة
اليوم لا سيما للدول النفطية العربية لمد
يد المساعدة العربية لمصر أسوة بما فعله
الملك فيصل مع الرئيس جمال عبد الناصر بعد
مؤتمر الخرطوم لتحرير مصر من التأثيرات
السياسية للمساعدات الاقتصادية الزهيدة
قياساً بما تناله إسرائيل مثلاً من
مساعدات سخيّة"، مشدداً على أن "إستعادة
مصر الى موقعها الطبيعي أمر في غاية
الأهمية وكفيل بتغيير المعادلات القائمة
في المنطقة، وهذا ما يبرر القلق والهلع
الاسرائيلي مما يجري في مصر حالياً".
وختم جنبلاط مقاله بتوجيه نصيحة الى
الرئيس مبارك قائلاً: "من الواضح أن الشعب
المصري قال كلمته، ويبدو أنه لا مناص
للرئيس حسني مبارك من أن يسمع مطالب الشعب
وأن يرحل بهدوء مع رموز نظامه بعد كشف
حساب عن الممتلكات غير الشرعيّة التي تعود
للشعب، لعله يوفر بذلك المزيد من الغضب عن
هذا الشعب العربي المناضل". |