أخبار الوطن الرئيسية

04/03/2011

 

وهج القرار الاتهامي المرتقب يطغى على الصراع على «الكعكة» الحكومية

 

 

وسط مجموعة عناوين لاستحقاقات ومحطات داخلية بارزة ينتظرها لبنان خلال الشهر الجاري، بدا لافتاً ان يكون العنوان الابرز فيها وهو تأليف الحكومة الجديدة مرشحاً للتراجع او التأخير امام الاستحقاقات الاخرى.
ويمكن إجمال هذه المحطات بالاستعدادات الجارية لاحياء الذكرى السادسة لانتفاضة 14 مارس 2005، واقتراب المهلة المبدئية لصدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ناهيك عن الاستحقاق الكنسي المهم المتمثل بانتخاب بطريرك جديد للطائفة المارونية بدءاً من يوم الاربعاء المقبل، علماً ان هذا الاستحقاق بدأ يستقطب اهتماماً لا يقل اطلاقاً عن اي استحقاق اساسي مفصلي في البلاد.
وتقول اوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان العامل الوحيد الذي يُعتمدّ به والذي طرأ على مشهد المحاولات الجارية لازالة عقبات تأليف الحكومة تمثل في بداية التحرك الذي يقوم به رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية والذي ما كان ليشرع في تحرك مماثل خصوصاً تجاه زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون لولا ان هناك خلفية ما سورية بدأت ترتسم ولو في اطار غير علني لمعالجة العقبات التي تعترض مهمة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.
وفي اعتقاد هذه الاوساط ان فرنجية سيضطلع على الارجح بدور مهم في التحضير لتسوية بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون لأزمة او لعقدة حقيبة الداخلية في الحكومة الجديدة التي لعبت دوراً اساسياً في تأزيم العلاقة بين سليمان وعون الذي يتمسك بانتزاعها من رئيس الجمهورية على ان تكون له ايضاً «حصة الاسد» من المقاعد الوزارية في الحكومة بحيث يكون له لوحده الثلث زائد واحد و80 في المئة من الوزراء المسيحيين.
ومع ذلك فان الاوساط نفسها تشير الى ان لا معطيات تحتم التفاؤل بعد باقتراب تشكيل الحكومة ولو كان العمل جارياً على تدوير الزوايا بين اطراف 8 آذار وحلفائهم الجدد الذين سيشاركونهم «كعكة الحكومة» ومقاعدها وحقائبها الوزارية. ذلك انه يبدو واضحاً ان ميقاتي لا يوحي بأي امكان للولادة الحكومية قبل ذكرى 14 مارس، التي قررت قوى المعارضة الجديدة احياءها في 13 الجاري لان 14 منه يصادف يوم الاثنين وهو يوم عمل عادي. علماً ان الرئيس المكلف لا يعطي اشارات تدحض الارتباط بهذا الموعد.
واذا كان من المبالغ فيه، وفق الاوساط ذاتها ربط الولادة الحكومية باصدار القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية، والذي تتحدث تقارير عدة عن انه بات وشيكاً، فان ذلك لا يعني في المقابل ان عملية التأليف لن تتأثر باي تطور يحصل على صعيد المحكمة على غرار ما كشفته مسألة امتناع اربعة وزراء حاليين عن تلبية طلبات تقدم بها المدعي العام الدولي دانيال بلمار. فهذا التطور سيسلط الضوء بقوة على حكومة ميقاتي العتيدة والتي ستواجه مناخاً داخلياً وخارجياً محموماً بازاء طلائع تراجع لبنان عن التزاماته حيال المحكمة الدولية، وهو امر تقول الاوساط ان ميقاتي نفسه سيكون اكبر المحرجين حياله وسط معارضة قوية (14 آذار) ومندفعة بمنتهى التصميم في حملتها على سلاح «حزب الله» الذي سيشكل مع المحكمة الدولية التمسك بها العنوان الابرز للتحرك الجماهيري الضخم في 13 الجاري كما في الوثيقة السياسية التي تطلقها قوى 14 آذار في 11 مارس خلال اجتماعها الموسع الذي تدعو فيه الى المشاركة في يوم «رفض وصاية السلاح».
وفي حين استمرّت امس الاتصالات البعيدة عن الأضواء لتدوير زوايا التعقيدات امام ولادة الحكومة، برز ما نقله زوار سليمان لجهة تفاهمه التام مع الرئيس المكلف ورئيس البرلمان نبيه بري، لافتين الى ان اللقاءات التي عقدها رئيس الجمهورية في الكويت لاسيما مع نظيره السوري بشار الأسد بددت الأجواء التي سعى البعض الى اشاعتها بين بعبدا والقيادة السورية، وموضحين أن الرئيس السوري «أبدى اهتماماً بصون موقع رئاسة الجمهورية والحفاظ على علاقة ممتازة مع الرئيس سليمان ما يبدد كل ما أثير عن ميل إلى تحجيم رئيس الجمهورية».
وترافق هذا المناخ، مع اعلان الدوحة ان امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس سليمان تم خلاله «بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات في المنطقة»، في حين رجّحت دوائر مراقبة ان يكون الملف الحكومي حضر في هذه المحادثات الهاتفية مع «عراب» اتفاق الدوحة الذي كان أقرّ في مايو 2008 حصة وازنة لرئيس الجمهورية من ضمنها حقيبتان سيادتان هما الداخلية والدفاع.
في موازاة ذلك، أجمعت غالبية المعلومات في بيروت عند رسم سقف مزدوج تتمّ تحته المفاوضات الصعبة لفك عقدة العماد عون ويقوم على الموازنة بين نقطتين هما:
* معالجة مطالب زعيم «التيار الحر» التي تتمحور حول إعطائه وحلفائه في تكتل التغيير والإصلاح 12 مقعداً من 15 مقعداً للمسيحيين في حكومة ثلاثينية، وأن يُعهد إلى تكتله بوزارة الداخلية، وسط تقارير عن امكان ان يقايض هذه الحقيبة إما بالمال السيادية ايضاً (هي من حصة الرئيس ميقاتي عبر الوزير محمد الصفدي) أو ثلاث وزارات خدماتية وهي الأشغال والطاقة والاتصالات، إلى جانب الوزارات الاخرى التي يعتبرها من حصته.
* عدم «كشف» الرئيس المكلف وإضعافه في إطار الغالبية النيابية الجديدة التي أفرزتها عملية التكليف، لان من شأن ذلك ان يجعله «الخاصرة الرخوة» التي تتيح لقوى 14 آذار ان «تشدّ عصَبها»، لاسيما في الساحة السنية، وان تخوض معارضتها بـ «أعصاب باردة» مستفيدة من «تعرية» ميقاتي سياسياً وسنياً.
وانطلاقاً من هاتين الثابتتيْن، تتواصل الاجتماعات بين الثلاثي، المعاون السياسي للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل، والمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل والوزير جبران باسيل (صهر عون) في محاولة لـ «دوْزنة» المطالب ومطابقتها مع الحلول الممكنة من دون ان تصبح الشروط معوقات تمعن في تأخير التأليف الذي باتت له محاذير على صورة 8 آذار. علماً ان هذا الثلاثي كان زار ميقاتي يوم الثلاثاء وناقش معه موضوع التأليف في ظلّ المعطيات الجديدة، من غير بلورة أفكار واضحة.
ولعلّ المساعي الأبرز تتركّز على سبل تجاوز عقبة وزارة الداخلية، التي تردد ان النائب فرنجية (وهو جزء من تكتل عون) ابلغ العماد عون خلال لقائهما اول من امس انه لا يزال يرفض ان يتولاها، وذلك وفق مخرج لا يكسر زعيم «التيار الحر» ولا يخرج منه رئيس الجمهورية خاسراً، علماً ان جانباً آخر من العقدة المتصلة بالملف الحكومي تتمثل في إصرار عون على نيل الثلث زائد واحد، على ان تكون حصة رئيسيْ الجمهورية والحكومة والنائب وليد جنبلاط معاً 11 وزيراً في حكومة ثلاثينية، في حين يريد سليمان ان يتمتع هو وميقاتي معاً بالثلث زائد واحد على ان يكون جنبلاط من ضمن حصة الـ 19 لفريق 8 آذار مجتمعاً.
في هذه الأثناء، نُقل عن الرئيس ميقاتي انه اتفق مع رئيس الجمهورية على تأليف الحكومة وفق الأصول التي يمنحها الدستور للرئيس المكلف «وهو مبرّر تريثي. ولا أريد أن أدخل في سجال مع أي فريق على طريقة تعاطيّ مع تأليف الحكومة ما دمت، كرئيس مكلف، مسؤولاً عن وضع مسودتها في ضوء الاستشارات والمشاورات التي أجريتها، وتطابقها مع مقاربتي للوضع الداخلي وتوازناته»، ناقلاً عن الرئيس بري قوله له: «اختر مَن تريده من اللائحة، ولست متمسّكاً بحقيبة معيّنة ولا بوزير محدّد. ولكن متى اشترط سواي حقيبة معيّنة، فسأشترط بدوري الحصول على حقيبة معيّنة». واضاف: «بعدما رفضت قوى 14 آذار المشاركة في الحكومة، بات اتفاق الدوحة في نظري غير موجود، كونه يلحظ في البند المتعلق بتأليف حكومة الوحدة الوطنية، وجود طرف آخر في المشاركة بهذه الحكومة. وأراد هذا الفريق الآن مقاطعة المشاركة، فانتفى وجود العامل المكمّل للمعادلة التي رسمها اتفاق الدوحة لتأليف حكومة وحدة وطنية، ما أنهى مفاعيل الاتفاق». وفي المواقف، اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان «اعلان قوى 14 آذار عدم مشاركتها في حكومة الرئيس ميقاتي هو بالنسبة لنا أبعد من موضوع المشاركة او عدمها، مؤكداً «ان ما يقوله العماد عون عن تعديل دستوري لإعطاء حصة لرئيس الجمهورية في الحكومة هو هرطقة دستورية»، ولافتاً الى ان «معركتنا ليست مع عون لانه ليس اللاعب الرئيسي، بل مواجهتنا هي مع الوضع غير الطبيعي او الدويلة الموجودة داخل الدولة اللبنانية والتي لا يمكن أن تستقيم بوجود دويلة حزب الله من جهة، ومن جهة أخرى مع النفوذ الذي تحاول سورية استعادته داخل لبنان».
ولم تحجب مجمل هذه الوقائع الانظار عن التطور المتمثل بامتناع اربعة وزراء في حكومة تصريف الاعمال عن تلبية طلبات مقدمة من المدعي العام الدولي دانيال بلمار الى وزاراتهم للحصول على مستندات ووثائق تتعلق بعملها، وهم وزراء: الطاقة جبران باسيل، الاتصالات شربل محاس، الداخلية زياد بارود والاشغال والنقل غازي العريضي، وقد وجّه الرئيس الحريري في 24 فبراير الماضي مراسلات الى هؤلاء الوزراء من دون جدوى يحضّهم على التعاون مع طلبات بلمار.
واذا كانت الطلبات التي وجهت الى وزارة الاتصالات تعلق بالحصول على النسخة الذهبية لـ«داتا» الاتصالات لجميع اللبنانيين طوال السنوات السبع الماضية، فان معلومات اشارت الى ان مكتب بلمار وجه الى وزارة الداخلية نحو 20 طلبا تتصل بأمور متنوعة، بينها كتاب طلب فيه بصمات 4 ملايين لبناني، وقد درسته الوزارة استنادا الى القوانين المرعية، وردّت عليه بكتاب آخر تضمن تساؤلات حول سبب شمول هذا الإجراء 4 ملايين لبناني ووضعهم جميعا في خانة واحدة. وانتهى الامر، بحسب صحيفة «السفير» الى موافقة الوزارة على إعطاء بلمار بضع مئات فقط من البصمات، وفق تقديرها هي، في حدود ما يسمح به القانون. وما زالت الوزارة تدرس طلبات أخرى تقدم بها بلمار أخيراً.
اما الوزير العريضي (من فريق النائب جنبلاط) الذي كان بلمار طلب من وزارته الإذن للاستماع الى بعض موظفيها، فقد اعلن انه كان «تلقى طلبا اولا من لجنة التحقيق الدولية ووافق فوراً، والتقى وفد من اللجنة المدير العام للنقل»، مشيرا الى انه عندما علم بمضمون اللقاء شعر بان «اللقاء جاء مخالفا لمضمون الطلب وكأنه كان استجوابا لكل ما يجرى في مديرية النقل، وانا لا اقبل بمثل هذا التعاطي، وعندما جاء طلب ثان من اللجنة لم اعط موافقة».


الادعاء على الشقيقين شقيربـ«التعاون»

ادعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس على الموقوف الطبيب فاروق شقير وشقيقه الفار من وجه العدالة والموجود في الاراضي الاسرائيلية زهير شقير (هما من ميس الجبل في الجنوب)، لإقدام الاول منذ العام 2004 «على التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي ودس الدسائس لديه وإعطائه معلومات عن شخصيات في المقاومة وحركة «امل» والجيش اللبناني، وإعطائه معلومات لمعاونته على فوز قواته وعن مواقع قصفت في حرب يوليو 2006».
وتم الادعاء على الشقيقين شقير سنداً الى مواد تنص عقوبتها القصوى على الاعدام.

المصدر :صحيفة الرأي العام اللكويتية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري