أخبار الوطن الرئيسية

06/08/2011

 

حازم نهار: هيئة التنسيق لن تشارك بأي حوار في ظل الوضع الراهن

 

أكد الناشط السياسي المعارض الدكتور حازم نهار أن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في سوريا لن تشارك في أي حوار سياسي لا يستجيب للمعايير التي حددتها في وثيقتها، مشيراً إلى أن الخيارات المفتوحة أمام هيئة التنسيق الوطنية هي المزيد من الالتصاق بالحراك السياسي في الشارع.
وقال نهار -وهو عضو المكتب التنفيذي للهيئة- في حوار مع الراية إن المعارضة الوطنية الديمقراطية هي مع الحوار من حيث المبدأ، ولكن يجب أن تظهر مؤشرات لردم حالة عدم الثقة وآليات لهذا الحوار.. ويجب أن يكون هدف الحوار واضحاً منذ البداية ويجب أن تتوفر آليات لاتخاذ القرار داخل هذا الحوار.. وبدون ذلك سنذهب لنتحاور ونخرج دون أي جدوى.

ورأى نهار أن الجزء الأكبر من المخاوف من الفوضى والحرب الأهلية في سوريا مصطنع ومفتعل.. وأشار إلى أن البديل عن النظام القائم ليس بالضرورة أن يكون على حساب هذا النظام برمته، بل يمكن أن يتبلور من جميع أطراف الشعب السوري، بما في ذلك من عناصر أو أفراد أو جهات داخل النظام لم تتلوث أيديها بالقمع أو الفساد أو بمد اليد للخارج.

يذكر أن حازم نهار طبيب من مواليد 1969، وناشط سياسي وحقوقي، وقيادي في حزب العمال الثوري، وباحث في مجال الفكر السياسي وحقوق الإنسان. عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي التي تأسست مؤخراً وتضم تجمعاً من أبرز الأحزاب والشخصيات المعارضة في سوريا.

وضع العديد من الكتب والدراسات بينها "التأخر في المجتمع العربي، سعد الله ونوس في المسرح العربي الحديث ـ دراسة نقدية، تجديد الفكر السياسي في إطار الديمقراطية وحقوق الإنسان" قام مؤخراً بترجمة كتاب "سورية ـ الاقتراع أم الرصاص؟". حصل على جائزة سعاد الصباح لعامين متواليين 1999 و2000 . نشر عددا كبيرا من المقالات في عدد من الدوريات العربية. كان من أبرز المشاركين في نشاطات المجتمع المدني وحقوق الإنسان.

ـ ما هو برنامجكم في هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي خلال المرحلة المقبلة؟
حددت وثيقة التنسيق في وثيقتها التي أعلنتها عدداً من النقاط التي ينبغي على البلد أن تحوز عليها حتى نقول إن هناك بيئة سياسية مناسبة للسير في حل سياسي.

هذه البيئة تتألف من ثمانية عناصر، يأتي في طليعتها وقف الحل الأمني العسكري، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي التظاهرات خلال الأشهر الماضية، ووقف الحملة الإعلامية التي تشنها وسائل الإعلام السورية، والسماح لوسائل الإعلام العربية والدولية بتغطية ما يحدث في سوريا، والاعتراف بحق التظاهر السلمي بموجب علم وخبر، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ونزيهة للتحقيق في مصادر إطلاق النار خلال الفترة الماضية.

ـ السلطة لم تستجب لمطالبكم وهي مستمرة في خيارها الأمني العسكري.. فما هي خياراتكم؟
السلطة تحاول خلق توازن جديد على الأرض مختلف عن التوازن الذي قام خلال الفترة الماضية عن طريق اعتماد الحل الأمني العسكري، وفي نفس الوقت تصدير خطاب سياسي يدعو إلى الحوار لا يتعدى الكلمات من أجل الإيحاء للجزء الصامت من السوريين والخارج بأن الحل السياسي هو الذي يسير على أرض الواقع.

هيئة التنسيق الوطنية في ظل هذا الوضع من المستحيل أن تشارك في أي حوار سياسي لا يستجيب للمعايير التي حددتها في وثيقتها، ولذلك فإن الخيارات المفتوحة أمام هيئة التنسيق الوطنية هي المزيد من الالتصاق بالحراك السياسي في الشارع، ومحاولة نقل مطالبه وتسييس هذا الحراك وتوضيح المفاهيم والشعارات التي يرفعها المتظاهرون. لعل وعسى يمكن أن يسير هذا الحراك باتجاه تشكيل حركات سياسية ناضجة تنسق مع المعارضة الوطنية الديمقراطية في سوريا وصولاً إلى تشكيل جبهة سياسية واحدة من المعارضة والشارع السياسي.

خيارنا منذ البداية هو مع الشارع ومع انتفاضة الشعب السوري. هذا الخيار يرتب على المعارضة الوطنية الديمقراطية التزامات تتجلى بدعم هذا الحراك سياسياً وإعلامياً، ومحاولة الالتحام به، ونقل خبرات وتصورات المعارضة للشارع والتفاعل الإيجابي مع مطالب هذا الشارع وما يقدمه النشطاء والمتظاهرون.

ـ الحكومة أقرت قانون الأحزاب وقانون الانتخابات الجديد.. وثمة حديث عن تعديلات على الدستور وربما وضع دستور جديد... لنفرض أن السلطة ترجمت هذه القرارات الإصلاحية عملياً وأوفت بوعودها وأخرجتها إلى حيز التنفيذ، ألا يشكل ذلك -بنظركم في المعارضة- أرضية يمكن البناء عليها من أجل التوصل إلى حل سياسي؟

أعتقد أن الأرضية التي يمكن البناء عليها هي تلك التي تحترم المعايير التي ذكرتها وأعلنت عنها هيئة التنسيق الوطنية ومعظم قوى المعارضة السورية، ثم تأتي الخطوات السياسية التي يجب أن تأتي بشكل رزمة متكاملة ومتوافقة فيما بينها، إذ ما فائدة إصدار قانون أحزاب دون تعديل الدستور الذي ينصب حزب البعث قائداً في المجتمع والدولة.

أنا أعتقد أن برمجة الحلول للأزمة السياسية في سوريا يكون كالآتي: أولاً: تحقيق البيئة السياسية المناسبة للحل السياسي عن طريق تنفيذ المعايير المذكورة سابقاً. ثم الانتقال إلى الحل السياسي من خلال ملامسة جوهر الموضوع وهو الدستور السياسي، بحيث يتم تعديل أو تغيير الدستور السوري ليكون دستوراً براعي تحول سوريا إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، ومن ثم إصدار قوانين تتعلق بالأحزاب والانتخابات والإعلام والاقتصاد.. تتناسب مع جوهر وروح الدستور الجديد.

ـ لنفرض أن السلطة وضعت بالفعل دستوراً جديداً وألغت المادة الثامنة التي تنص على أن البعث قائد في المجتمع والدولة، وترجمت عملياً الإصلاحات والوعود التي أعلنت عنها.. وهناك مؤشرات على أنها تسير في هذا الاتجاه.. ألا يمكن أن يشكل ذلك أرضية مناسبة للحل بالنسبة لكم في المعارضة؟

لا يمكن أن يشكل في ظل وجود معارضين ومتظاهرين في السجون.. مثلاً قانون الأحزاب الجديد، أخشى أن يستفيد منه بعض المنتفعين والانتهازيين في ظل الوضع الراهن، بينما الناس التي ضحت بدمائها والتي تخرج في التظاهرات ألا ينعكس ذلك إيجاباً أوضاعها وظروفها.

ـ قوى المعارضة في الداخل والخارج قاطعت اللقاء التشاوري لهيئة الحوار الوطني.. وربما ستقاطع أيضاً مؤتمر الحوار الوطني المقبل.. ألا تخشون أن يؤدي ذلك إلى انسداد المخارج السياسية، وبالتالي إلى عواقب وخيمة ومخاطر على سوريا وطناً وشعباً لا نظاماً فحسب.. ألا تتحمل المعارضة والشارع مسؤولية أيضاً خاصة أنها صارت الآن تشكل قوة وتمتلك وزناً وتأثيراً لا يمكن تجاهلهما؟

ضمن الوضع الراهن، السلطة السياسية في سوريا هي صاحبة القدرة والفعالية والمبادرة.. مفتاح الحل في يدها. المعارضة تبدأ مسؤوليتها عندما تتحمل السلطة مسؤولياتها الأولية وتحقق المعايير الثمانية التي حددتها هيئة التنسيق الوطنية في وثيقتها، والهيئة مستعدة بعد ذلك للتعامل بشكل إيجابي مع الحل السياسي الذي ينبغي أن ينتج بمشاركة السلطة والمعارضة وممثلين عن الشارع المحتج.

ـ ماذا لو لم تستجب السلطة لهذه المعايير، هل نترك البلاد تذهب إلى الهاوية.. أليس من الأفضل أن تذهبوا إلى الحوار وتستمروا في الضغط على السلطة بكل الوسائل السلمية والسياسية الممكنة من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه وفرض ما يمكن فرضه؟

البيان الختامي للقاء التشاوري تضمن كثيرا من مطالب المعارضة، وبالطبع ليس الفضل للمشاركين في هذا اللقاء، بل للمتظاهرين والشهداء الذين أجبروا الجميع على رفع سقف المطالب وأجبروا السلطة على التجاوب. ما هو مصير التوصيات الثماني عشرة التي تضمنها البيان الختامي. لنفرض أن المعارضة شاركت في هذا اللقاء وكنا الآن أمام تصاعد الحل الأمني واستمرار عمليات الاعتقال وتضاعف عدد المعتقلين، لكانت المسألة بالفعل مخجلة. أنا أتمنى الآن من الذين حضروا اللقاء التشاوري أن يرفعوا أصواتهم ويطالبوا بتحقيق التوصيات التي أقروها في اللقاء.

عدد من اللقاءات الصحفية أجريت مع بعض الذين حضروا اللقاء التشاوري، وهم أقرب إلى السلطة، أكدوا بعد هذا اللقاء أن جميع التوصيات سوف يتم السير بها خلال أيام، من الإفراج عن المعتقلين إلى إيقاف العنف.. وما إلى ذلك.. ولكننا لم نر شيئاً يترجم على أرض الواقع. هناك عدد من الرسائل الإيجابية ينبغي على السلطة تقديمها للمعارضة وللشارع السياسي من أجل استعادة الثقة والتجاوب مع الحلول السياسية التي يمكن أن تطرح في المستقبل.

إذا تحدثنا بمنطق السياسة التي تعني فن الممكن والتعامل مع معطيات الواقع وموازين القوى، أليس الحوار مع السلطة مع استمرار الضغط عليها بكل الوسائل السياسية والسلمية الممكنة هو الخيار الأمثل للانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية ولو استغرق التغيير وقتاً أطول؟

المعارضة الوطنية الديمقراطية هي مع الحوار من حيث المبدأ، وطوال أحد عشر عاماً كانت تنادي بالحوار وحل مشاكل وأزمات البلد من خلال الحوار. ثانياً: كلمة الحوار هي كلمة حيادية، وليس بالضرورة أن كل من قال بالحوار سيتعاطى إيجابياً مع مشاكل البلد، بل قد يدلل ذلك على عكس هذا الأمر. كلمة الحوار لا يمكن التعامل معها دون تعيينات على الأرض.

أولاً: يجب أن تكون هناك مؤشرات لردم حالة عدم الثقة. ثانياً: يجب أن تكون هناك آليات لهذا الحوار. ثالثاً: يجب أن تكون هناك موضوعات محددة لهذا الحوار. رابعاً: يجب أن يكون هدف الحوار واضحاً منذ البداية. خامساً: يجب أن تتوفر آليات لاتخاذ القرار داخل هذا الحوار..

وبدون ذلك سنذهب لنتحاور ونخرج دون أي جدوى.. من سيقرر؟.. هذه الأمور جميعها يجب أن تكون واضحة منذ البداية أمام الشعب السوري ووسائل الإعلام. لا بد أيضاً من وجود لجان قضائية نزيهة ومستقلة، ومن ثم تكليف حكومة وحدة وطنية أو حكومة مؤقتة أو هيئة تأسيسية لتنفيذ مقررات هذا الحوار.

ـ مع استمرار الأزمة وتفاقمها وغياب الحل السياسي، ثمة مخاوف لدى الكثير من السوريين تدخل البلاد في دائرة الفوضى والاضطرابات وربما الحرب الأهلية بسبب صعوبة حصول انتقال سلمي وسلس للسلطة وغياب البديل الجاهز والقادر على حكم سوريا في مرحلة ما بعد سقوط النظام.. أليس لهذه المخاوف ما يبررها برأيك؟

هذه المخاوف جزء منها مشروع ولكن الجزء الأكبر مصطنع ومفتعل. الجزء المشروع منها هو بسبب عدم تشكل بدائل واضحة أمام الشعب السوري ككل، ليس فقط أمام المتظاهرين، بل أيضاً أمام القسم الصامت أو القسم الموالي للنظام القائم. حتى الآن لم يتبلور خط أو بديل واضح للتغيير.

هذا الخط أو البديل ليس بالضرورة أن يكون على حساب النظام القائم برمته، بل يمكن أن يتبلور من جميع أطراف الشعب السوري، بما في ذلك من عناصر أو أفراد أو جهات داخل النظام لم تتلوث أيديها بالقمع أو الفساد أو بمد اليد للخارج. النظام ليس كتلة صماء لا وجود فيها لأناس راغبين بالتغيير الديمقراطي. بالتأكيد هؤلاء موجودون، ومن داخل حزب البعث بنفس المعايير ومن القسم الموالي للنظام أيضاً، ومن المعارضة الوطنية الديمقراطية داخل وخارج سوريا، ومن الشارع المتظاهر. بمعنى أن من الممكن تكوين بديل أو تشكيل نظام جديد، ومن المنطقي أن تستفيد سوريا جميعها، وليس طرف على حساب آخر.

ـ هل يعني ذلك تغيير النظام لا إسقاطه في الشارع؟
هذا يتطلب أن يكون جزء ما من النظام متجاوباً مع حركة ومطالب الشارع.
ـ بالنسبة للمؤتمرات التي عقدتها تيارات المعارضة السورية في الخارج.. كيف تقيم هذا الحراك السياسي وإلى أي مدى يمكن أن يسهم في إيجاد مخرج سياسي من الأزمة؟
اليوم هناك حراك سياسي كبير من قبل السوريين، داخل البلاد وخارجها. وهناك عدد كبير من الأفراد أو الجمعيات أو المؤسسات التي تتشكل حديثاً تنسب نفسها إلى المعارضة السورية، هنا يجب أن ندقق كثيراً. المعارضة الوطنية في سوريا تاريخها معروف وممثلة بعدد من القوى الأساسية الموجودة داخل سوريا أو من خلال فروعها في الخارج.

الخط والنهج مختلفان، وهناك معايير عديدة تضعها المعارضة الوطنية من أجل الانضمام لها، منها عدم المشاركة في أعمال القمع ضد السوريين في الماضي أو المشاركة في الفساد، بمعنى ضرورة أن تكون المعارضة الوطنية الديمقراطية نظيفة الكف، وعدم مد اليد إلى الخارج بما يضر بمصالح سوريا ووحدة الشعب السوري.

المصدر:صحيفة الراية القطرية -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري