شكّل التوغلان السوريان نحو 48 ساعة في
منطقة عرسال البقاعية (شرق لبنان) وما
تخلل «الخرق الحدودي» الثاني من قتل
المواطن السوري علي الخطيب، «المطلوب»،
مادة تجاذُب عكست مخاوف من امتداد الأزمة
السورية الى لبنان وإثقال الوضع الداخلي
بعنصر خلافي جديد ومن وضع بيروت على خط «الصِدام»
مع المجتمع الدولي.
وفي حين ساد عرسال امس هدوء مشوب بمخاوف
من تكرار «سيناريو» التوغل السوري الخاطف
والانسحاب بعد تنفيذ «عملية موضعية»،
تحوّل خرق الاراضي اللبنانية نقطة سجال
بين قوى 14 آذار وفريق الاكثرية الجديدة،
وسط استنكار المعارضة عبر مصادر رفيعة
فيها عدم تطرّق الحكومة الى هذا الملف
وإدارة الظهر «للسلوك الامني السوري
المفضوح وتجاهُله وكأن شيئاً لم يكن»،
واضعة على الطاولة مجدداً قضية ترسيم
الحدود مع سورية ومنددة بـ «تجاهُل قوى 8
آذار انتهاك السيادة عندما يحصل ذلك على
يد سورية في الشمال او البقاع»، معتبرة ان
ما جرى في عرسال في اليومين الماضيين «هو
خرق لقرارات دولية ولمبدأ حسن الجوار بين
الدول».
اما الاكثرية الجديدة، فلم تعلّق على
حادثتي عرسال مكتفية بالدعوة الى «عدم
تضخيم الامور»، في حين أعلن الوزير ناظم
الخوري (من حصة رئيس الجمهورية ميشال
سليمان) ان هذا الموضوع سيكون على طاولة
مجلس الوزراء الاسبوع المقبل.
وفي موازاة الارتدادات اللبنانية لـ «توغل
عرسال»، ينتظر ان يثقل هذا الملف العلاقات
بين بيروت وواشنطن، لاسيما وان مقتل
الخطيب (المتأهل من لبنانية) جاء بعد اقل
من 48 ساعة من الرسالة التي نقلتها
السفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيللي
الى وزير الدفاع فايز غصن «بضرورة حماية
المعارضين السوريّين وتحسين أمن الحدود
اللبنانية والوفاء بالالتزامات حيال
المجتمع الدولي في ما يتعلق بتنفيذ القرار
1701 ودعم المحكمة الخاصة بلبنان وتمويلها»،
وكأنّ ما جرى الخميس اتى ردا على هذه
الرسالة.
وبدا واضحاً ان هذه القضية ستحضر بقوة في
جدول مباحثات قائد الجيش العماد جان قهوجي
في الولايات المتحدة ابتداء من الاثنين،
لاسيما وان واشنطن كانت احدثت ما يشبه «ربط
نزاع» بين القرار الاميركي بتزويد المؤسسة
العسكرية بأسلحة جديدة وبين سلوك الاخيرة
لاسيما حيال المعارضين السوريين في بيروت.
علماً ان رسالة كونيللي اعتُبرت في رأي
اوساط سياسية محايدة مؤشراً بارزاً الى
ملاحظات واشنطن على أداء لبنان في الشق
المتعلق به من الاحداث بسورية سواء لجهة
وضع اللاجئين في ضوء التقارير عن منعهم من
الدخول او اعادة بعضهم او لناحية عدم
تأمين الحماية للمعارضين في أراضيه، وهو
ما عززته بـ «الدليل» عملية قتل علي
الخطيب.
وغداة هذا الحادث، عمّ عرسال التي تربطها
بسورية حدود بطول 55 كيلومتراً، حذر من
امكان تجدُّد دخول القوات السورية الاراضي
اللبنانية، فيما روى سكان ان إطلاق النار
على الخطيب حصل في عمق الاراضي اللبنانية
(3 كيلومترات) مطالبين الجيش اللبناني
والقيادة السياسية اللبنانية بمخاطبة دمشق
لمنع عبور اي من قواتها العسكرية الى داخل
الاراضي اللبنانية.
وكانت مصادر امنية لبنانية اشارت الى ان
المواطنة هدى حسين البريدي من بلدة عرسال،
زوجة الخطيب (مواليد 1970) من بلدة فليطا
السورية الحدودية المحاذية لعرسال، تبلغت
بعد ظهر الخميس ان قوة من مخابرات الجيش
السوري قتلت علي المطلوب لدى السلطات
السورية في منطقة صعبة اللبنانية الحدودية
في نطاق خراج بلدة عرسال بعدما تبادلت
القوة السورية النار مع مجهول كان برفقته
ما ادى الى مقتله وعنصر من القوة، فيما
افادت معلومات اخرى ان الضحية كان يعمل في
أرضه الزراعية داخل سورية حين باغتته قوة
عسكرية سورية ارادت توقيفه ففر الى المقلب
اللبناني حيث لاحقته القوة وقتلته. |