سورية
بلد الخيرات والموارد الخصبة، البلد
الزراعي بامتياز رغم تنوع أوجه الاقتصاد
فيه من صناعة وتجارة وسياحة وخدمات، سورية
التي ضاقت بأهلها وحملت الكثيرين منهم على
الهجرة هرباً من أعباء الحياة وأزماتها
التي تزداد يوماً بعد يوم، أمّا مَن قرّر
أن يبقى... فليَتحمِل!!! يتفاجأ المواطنون
كل يوم بأزمة جديدة، وواقع مضن لا يحتمل!
إذ كيف تلتهب أسعار المواد الاستهلاكية
اليومية، وخاصة الموسمية منها والتي تخص
الموسم الصيفي بذاته، حيث أن أسعارها في
هذه الأيام تزيد بنسبة 50 ـ 80% عن سعرها
لمثل هذه الأيام في الموسم الماضي، فما هو
السبب؟! ولماذا هذا الانفلات في الأسعار
ومن المسؤول عنه؟! وأين هي رقابة الحكومة
ودورها الرعائي؟! أم أنها أحد الأطراف
المشاركين أو المسببين لرفع الأسعار
بسياساتها التحريرية والليبرالية؟!
فسعر الكرز يتجاوز في أغلب أسواق المفرق
حاجز الـ100 ل.س.
وسعر الدراق لم ينزل عن الـ 125 ل.س..
وسعر المشمش يراوح بين الـ110، والـ 120
ل.س..
وهكذا دواليك.. بينما خرجت هذه السلع من
البساتين بأقل من نصف هذه القيمة!!
نحن نعلم أن تكاليف الإنتاج الزراعي في
سورية ترهق الفلاح، وتكون غالباً أكثر من
سعر المبيع الذي يحصل عليه لتسويق محصوله،
وهناك تقارير وإحصاءات رقمية تثبت ذلك،
ولكن الفلاح يقع تحت قبضة وتحكم تجار سوق
الهال الذين يشترون منه محصوله بسعر بخس،
تحت وطأة الضغط والاحتكار والتحكم، أو
فإنه لا يستطيع تسويق محصوله في الوقت
المناسب لتفادي الخسارة، ويصل هذا المحصول
للمواطن المستهلك بأسعار مضاعفة عما حصل
عليه الفلاح، فمَن إذاً يلعب لعبة
الاحتكار والاستغلال والتحكم بالسعر
المفرق سوى التجار الذين تحميهم قوانين
الحكومة وسياساتها؟!
إن من أهم شروط تمتين الوحدة الوطنية
الداخلية هي توافق الأسعار مع الدخل العام
للأسرة، الأمر الذي يؤدي بشكل طبيعي إلى
الشعور بالأمن والأمان والاستقرار
الاجتماعي للمواطنين، وعدم الشعور بالخوف
من العجز عن تأمين لقمة العيش اليومية.
لماذا تراعي الحكومة مصلحة حفنة من حيتان
المال على حساب لقمة عيش الشرائح الواسعة
من المواطنين؟! أين جمعيات حماية المستهلك
ودورها الذي أخذته على عاتقها في حماية
المستهلك، لماذا لا تقف في وجه الاحتكار
والاستغلال وتطالب بصوت قوي حر جريء بضبط
الأسعار وعودة الحكومة إلى الاضطلاع
بدورها الرعائي؟ لماذا لا يكون هناك
قوانين ناظمة تحدد نسبة الربح بما يقبله
العقل والضمير، ويستطيع احتماله ذوو الدخل
المحدود؟!
ثم هل يمكن أن نعتبر أن ما يجري الآن في
الموسم الصيفي هو مقدمة لما سيجري في بقية
المواسم، وبالتالي سينطبق على السفرجل
والزيتون والتفاح في الخريف، والحمضيات
بأنواعها في الشتاء، ما ينطبق الآن على
الكرز والدراق والمشمش والخضار التي حلقت
أسعارها أعلى مما يمكن أن يطاله المواطن
السوري محدود الدخل؟؟؟ |