القليل
ممن التقينا بهم كانوا على دراية بتعريف
المرفق العام بمعناه الصحيح، وكانت نوعية
المرافق العامة التي يملكون بعض الإلمام
بها تقتصر على بعض الامتيازات والوسائل
التي يستخدمونها بشكل شبه يومي والتي تقدم
لهم خدمات مجانية أو حتى شبه مجانية.
المحامي إبراهيم عرّف المرفق العام
استناداً إلى النصوص القانونية بأنه
«مشروع يعمل باطراد وانتظام تقوم به سلطة
إدارية مستخدمة في إداراته ما تتمتع به
بوصفها سلطة عامة من امتيازات ووسائل بقصد
أداء خدمة عامة للجمهور مع خضوعه لنظام
قانوني معين»، وأشار إلى أن المرفق العام
يتميز بعدد من الخصائص منها أنه يعامل
الجميع بالتساوي ولا يفرق في تقديم الخدمة
العامة بين الوطنيين والأجانب ولا بين
الرجال والنساء والأولاد ما لم ينص
القانون صراحة على التفريق، والسبب في هذه
المساواة أمام المرفق العام هو أن
المواطنين كافة متساوون أمام القانون
وتجاه الأعباء العامة، والمرفق العام إنما
وجد من أجلهم جميعاً.
وأضاف إن المرفق العام يتصف أيضاً
بالاستمرار حيث ينبغي عليه أن ينهض بالعبء
المكلف به باستمرار وانتظام ودون انقطاع
إذ لا يمكن أن نتصور توقف المرفق العام عن
أداء خدماته. وتطرق في حديثه إلى ميزة
مهمة للمرفق العام وهي أنه يقدم الخدمات
العامة مجاناً حيث إنه وجد في الأصل بدافع
فكرة خيرة فنشأ عن ذلك اتجاه نحو مجانية
المرافق العامة وأن الرسوم التي تتقاضاها
بعض المرافق العامة من الأفراد ليست
بأثمان للخدمات المبذولة وإنما رسوم لا
توازي القيمة الحقيقية لهذه الخدمات.
إن كل ما سبق من كلام هو في الإطار
والمعنى القانوني البحت، أما في مفهوم
العامة من الناس وكما تبين لـ«الوطن» في
استطلاعها لآراء البعض فلا يبدو أن
الكثيرين مدركون لما يشتمل عليه هذا
التعريف الواسع لعبارة «المرافق العامة»
إلا أن أول ما يخطر في بالهم هو التأكيد
فطرياً على ضرورة الاعتناء والحفاظ على
المرافق العامة التي في معظمها تشتمل
بنظرهم على: الحدائق العامة، ومركبات
ووسائل النقل العامة والمنشآت التابعة
لها، وفي الوقت عينه غابت عن هؤلاء حقيقة
أن كل ما يحيط بهم يعتبر بمثابة المرفق
العام سواء الشجرة المزروعة على الرصيف أو
البناء المخصص لمراجعة المواطنين وتقديم
مختلف الخدمات لهم من وزارة أو مديرية
وغيرها...
من جانب آخر ركز البعض في حديثهم على
مسألتين غاية في الأهمية - رغم اقتصار
اهتمامهم على عينة صغيرة جداً من مفهوم
المرفق العام – أولاهما الحفاظ على نظافة
المرافق العام، والثانية الحفاظ على أثاث
هذا المرفق.
قالت ديانا الطالبة في السنة الثانية بقسم
اللغة الإنكليزية بعد سؤالها عن رأيها في
الحفاظ على المرافق العامة إن المرفق
العام مسؤولية جماعية ومشتركة تقع على
عاتق كل فرد وليس على البعض دون الآخر،
وبرأيها فإن كل فرد يعيش في هذا المجتمع
عليه البدء من نفسه في تحمل هذه المسؤولية
الكبيرة التي لا تكتمل وتنجح إلا بتوزيع
هذا الدور على الجميع.
ليس من باب المفاخرة – قالت ديانا – وإنما
من داعي الرفض التام لظاهرة تعتبرها غاية
في الإساءة للذات والنفس قبل أن تكون
إساءة للمرافق العامة وهي قيام البعض برمي
فضلات حاجياتهم على الطريق أو في أي مكان
آخر غير مخصص لرمي هذه الحاجيات، وأضافت
مؤكدةً أنها تفضل أن تحمل عبوة المياه
الفارغة لعشرات ومئات الأمتار في يدها على
أن تلقيها على جانب الطريق أو في مكان غير
مخصص لهذا الغرض.
ويعتبر رامي أيضاً كليته التي يدرس فيها
أحد المرافق العامة وعليه الاهتمام بها
قدر الإمكان وخصوصاً بأثاثها الذي يستخدمه
يومياً بعد أن ورثه ممن سبقوه بأفضل حال
ولذا فإن عليه توريثه إلى من سيلحقه بأفضل
حال ممكنة أيضاً.
ولفت عامر وهو طالب في كلية الاقتصاد إلى
أن الحفاظ على الحدائق العامة باعتبارها
مرافق عامة أمر ضروري وجد أساسي لأنها من
أكثر الأماكن التي تلقى إقبالاً
واستخداماً من الشرائح الواسعة من الناس
مشيراً في الوقت نفسه إلى حجم الإهمال
والإجحاف الذي يمارسه زوار الحدائق بحقها
والذي يبدو جلياً بعد انقضاء زيارتهم
للحديقة العامة ورحيلهم عن المكان الذي
مكثوا فيه ساعات طويلة.
تحدث عامر أيضاً عن العبء الذي يشكله
تنظيف الحديقة من بقايا ومخلفات زوارها
مذكراً بضرورة أن يحمل كل عامل نظافة
دفتراً لتنظيم ضبوط المخالفات المباشرة
بحق كل من يسيء للحديقة العامة باعتبارها
مرفقاً عاماً حيوياً ومهماً للبيئة أيضاً
وأسوة بما هو متبع في إحدى المحافظات
السورية التي منحت عمال النظافة فيها الحق
بتنظيم مخالفة مباشرة بحق كل من يقوم
بإلقاء القمامة أو الفضلات بكافة أنواعها
في المكان غير المخصص لها سواء في مكان
عام أو حتى أمام مسكنه أو محله التجاري...
يعترف القانون بأن أهم العناصر الواجب
توافرها حتى يكتسب أي مشروع صفة المرفق
العام هو الهدف الموكل إلى المرفق الذي
يقوم بالنشاط إذ لا بد أن يكون الغرض من
المرفق العام تحقيق المنفعة العامة وإشباع
حاجات الأفراد أو تقديم خدمة عامة، وهذه
الحاجات أو الخدمات قد تكون مادية كمد
الأفراد بالمياه والكهرباء أو معنوية
كتوفير الأمن والعدل للمواطنين.
وعلى ذلك يعد تحقيق النفع العام من أهم
العناصر المميزة للمرفق العام عن غيره في
المشروعات التي تستهدف تحقيق النفع الخاص
أو تجمع بين هذا الهدف وهدف إشباع حاجة
عامة أو نفع عام.
ومع ذلك فإن تحقيق بعض المرافق العامة
للربح- كما ذكرنا في البداية - لا يعني
حتماً فقدها صفة المرفق العام، ما دام
هدفها الرئيس ليس تحقيق الربح، وإنما
تحقيق النفع العام كما أن تحصيل بعض
المرافق لعوائد مالية لقاء تقديمها
الخدمات إلى المواطنين كما هو الحال
بالنسبة لمرفق الكهرباء والمياه والقضاء
لا يسعى لكسب عوائد مالية بقدر ما يعد
وسيلة لتوزيع الأعباء العامة على كل
المواطنين |