أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

08/07/2010

 

لهجة إسرائيلية"جديدة" تجاه سوريا

رندى حيدر

 

‮يمكن تلخيص نتائج الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية الى واشنطن على المفاوضات مع الفلسطينيين كالتالي: مقايضة الموافقة الإسرائيلية على تمديد قرار تجميد البناء في المستوطنات، الأمر الذي يعتبره الفلسطينيون تلبية لمطالبهم، بالبدء بالمفاوضات المباشرة، الذي يطالب به المسؤولون الإسرائيليون منذ فترة. وهذه حصيلة سياسية هزيلة بالمقارنة مع الجهود الضخمة المطلوبة من أجل تحقيق حل الدولتين الذي تتبناه الإدارة الأميركية.
لذا فإن النتائج الحقيقية للزيارة يمكن البحث عنها على الصعيد الداخلي الإسرائيلي وعلى الصعيد الدولي. إن عودة الود والتفاهم بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وبنيامين نتنياهو من شأنه أن يشد من عضد الإئتلاف الحكومي اليميني القائم في إسرائيل. لا سيما وأن نتنياهو حرص خلال زيارته على ألا يقدم أية تنازلات يمكن أن تُغضب اليمين. فهو تجنب الحديث علناً عن الدولة الفلسطينية المستقلة، مثلما تجنب الإعلان عن موافقته على مواصلة قرار تجميد البناء في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة بعد انتهاء مدة سريانه في شهر ايلول المقبل.
ولا يخفى مدى تأثير الزيارة الأخيرة الناجحة لنتنياهو الى واشنطن على صورة إسرائيل أمام العالم. وكانت هذه الصورة قد تضررت كثيراً في الآونة الأخيرة بعد أحداث الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات الإنسانية الى غزة والأزمة الكبيرة في العلاقات مع تركيا والتي تكاد تبلغ حد قطع العلاقات بين الدولتين.
فالتفاهم الذي توصل اليه نتنياهو مع أوباما سواء بالنسبة لمسار العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، أم بالنسبة للعملية السلمية في المنطقة، وبصورة خاصة التفاهم على قضية السلاح النووي الإيراني، زاد موقع إسرائيل الدولي قوة وأعاد اليها الثقة، بعد سلسلة الأزمات التي مرت بها العلاقات بين إسرائيل وأكثر من دولة أوروبية.
وبغض النظر عن الظروف الداخلية الأميركية التي دفعت أوباما الى تغيير موقفه من نتنياهو، فلا يمكن عدم التوقف أمام انعكاسات التفاهم الأميركي-الإسرائيلي على القضية المحورية التي تشغل بال المسؤولين في إسرائيل اليوم اي كيفية ردع إيران عن امتلاك سلاح نووي.
يحتل موضوع ردع إيران عن امتلاك سلاح نووي رأس أولويات الحكومة الإسرائيلية الحالية، لا سيما مع قناعة المسؤولين الإسرائيليين بأن العقوبات الاقتصادية لن تشكل رادعاً حقيقياً لإيران. والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو ما تأثير التفاهم الإسرائيلي-الأميركي على الموقف الأميركي الرافض للضربة الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؟
هناك تباين في وجهات النظر داخل إسرائيل من الموضوع؛ فهناك فريق يعتبر أن التوتر في العلاقات مع أميركا يعطي إسرائيل حرية في التصرف، ويجعلها غير ملزمة بالموقف الأميركي، وتالياً يسمح لها بتنفيذ الضربة العسكرية المحدودة التي في رأيهم ستؤخر لعشرات الأعوام حصول إيران على السلاح النووي.
في المقابل يرى فريق آخر أن عملاً عسكرياً بهذه الأهمية والخطورة لا يمكن أن يجري من دون موافقة أميركية ولو ضمنية، نظراً لإنعكاساته على الاستقرار في المنطقة بأسرها.
من جهة أخرى، بدأت تبرز قناعة في إسرائيل مفادها أن مواجة الخطر الإيراني تحتم مواجهة التحالف الوثيق لإيران بكل من سوريا و "حزب الله" في لبنان، وحركة "حماس" في غزة. وأن مصلحتها تقتضي تحييد هذه الجبهات، وتفكيكها عن بعضها البعض، وحصر المواجهة بإيران. وهي من أجل هذا الغرض تبذل جهوداً كبيرة لردع "حزب الله" في لبنان عبر التهديدات الدائمة والحرب النفسية المتواصلة، محذرة إياه بأن أي تورط جديد للحزب في الهجوم عليها سيكون ثمنه مؤلماً للغاية.
أما بالنسبة لسوريا، وعلى الرغم من عدم تغير الموقف الرسمي الإسرائيلي منها، فهي في رأي المسؤولين الإسرائيليين "تتحدث عن السلام من جهة وتدعم التنظيمات الإرهابية من جهة أخرى"؛ هناك كلام إسرائيلي آخر بدأ يظهر في الآونة الأخيرة يركز على المواقف المعتدلة للرئيس السوري بشار الأسد وآخرها تصريحه في اسبانيا بأن قطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل يهدد الاستقرار في المنطقة، ويعتبر ذلك مؤشراً على امكانية التحاور معه.
فهل تُقدم حكومة نتنياهو على احتواء خطر الجبهة السورية في أي مواجهة مستقبلية مع إيران عبر العودة الى المفاوضات غير المباشرة معها؟

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري