أخبار الوطن الرئيسية

08/02/2011

 

إسماعيل حمه سكرتير حزب يكيتي : وجوب الاعتراف بالوجود القومي الكردي في سوريا كثاني اكبر قومية رئيسية في البلاد و كشعب يعيش على أرضه التاريخية وتثبيت هذا الاعتراف في دستور البلاد 

 

 

الأستاذ إسماعيل حمه قال كلمته :
س1:هناك عدة تسميات وأشكال للمعارضة، أي منها برأيك ينطبق على المعارضة السورية؟

المعارضة السورية لها وضع خاص, باستثناء الحالة الكردية, لا يمكننا الحديث عن معارضة حقيقية وجدية في سوريا بالمعنى المتعارف عليه, وإنما يمكن الحديث عن أصوات معارضة وأحياناً ردات فعل فردية تأذت من القمع السلطة, وهي تنتمي إلى بقايا التيارات التاريخية, القومية والماركسية التي صمدت في وجه إغراءات السلطة, أوهي امتدادات للسلطة خرجت على النظام واستقرت في المعارضة لأسباب مختلفة, دون أن تملك أي عمق شعبي يمكن إن تشكل مقدمة لحالة معارضة شعبية منظمة.

ثمة أسباب عديدة لهذا الوضع الذي تعيشه المعارضة السورية نستطيع تلخيصها في سببين رئيسيين على الاقل, السبب الأول يتعلق بحجم القمع الذي مورس بحق هذه المعارضة استناداً إلى حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي استخدمتها السلطة على نحو واسع, الأمر الذي حال بينها وبين أن تتحول إلى حالة شعبية. السبب الثاني: ثمة خلفية تاريخية لهذا الضعف لا يجوز إهماله تتعلق بالسياسات الترغيب التي أعتمدها النظام, عندما عمل على تحييد المعارضة في بداية السبعينات من خلال إشراكها بجزء من كعكة السلطة, وبالتالي استطاع احتواء معظم ألوان الطيف المعارض (القومي – الشيوعي) الذي كان يمتلك رصيدا جماهيريا تاريخيا وارثا ومراسا سياسيا, في إطار ما يسمى الجبهة الوطنية التقدمية, باستثناء التيار الإسلامي الذي ورط أو تورط بالعنف وبالطائفية السياسية, في وقت لم يكن ثمة أرضية سياسية وشعبية داخلية وكذلك دولية لقبوله, وبالتالي كان أمر تصفيته واستئصاله ميسرا بالطريقة المؤلمة التي عولجت بها في نهاية السبعينيات إلى بداية الثمانينات من القرن الماضي, فضلا عن كل ذلك فإن هذه الأصوات المعارضة, تتباين في أجندتها السياسية ونزعاتها وميولها ورؤيتها للمستقبل, ولا تمتلك مشاريع عمل حقيقية تشكل حاضنة نضالية للجماهير تقنعها بقيادتها نحو التغيير, فهي إما غائبة أو مغيبة قسرا عن ساحة العمل الجماهيري.

بينما يختلف الوضع بالنسبة للمعارضة الكردية, فهي حالة شعبية عامة وان كانت تختلف في مضمونها وموضوعها عن المعارضة السورية المعروفة, من حيث عدم سعيها للوصول إلى السلطة, وبالتالي فهي اقرب إلى مفهوم حركة التحرر منها إلى حالة المعارضات الداخلية للنظم. وكان من الممكن للمعارضة السورية أن تستفيد من الحالة الشعبية الكردية المناهضة لسياسة التمييز والاضطهاد القومي, لو استطاعت إن تتخلص من ميراثها القوموي وان تجري مقاربة جدية وواقعية للقضية الكردية, وتخلت عن سلوك التضليل وديماغوجيا الخطاب الذي يسعى إلى الالتفاف على استحقاقات هذه القضية تحت عناوين كثيرة منها على سبيل المثال حقوق المواطنة المتساوية المواطنة ودولة القانون وما إلى غير ذلك من محاولات اللعب على الألفاظ والكلمات, ولكنها في النهاية لاتقدم للكردي السوري المكتوي بنار الاضطهاد القومي شيئا له قيمة يقنعه بأن حقوقه القومية ستحترم وسيكون شريك كامل الشراكة في مستقبل البلد, ولن يكون مجرد وقود لأجندات الآخرين المهتمين بأمر السلطة, وبالتالي فان الشارع الكردي لا يجد حتى الآن في سياسات هذه المعارضة تجاه الشعب الكردي ما يميزها عن سياسات النظام, طالما بقيت هذه المعارضة تنأى بنفسها عن إجراء مثل هذه المقاربة الجدية للقضية الكردية, وتقديم مشاريع واضحة لحلها.

س2:أغلبية الشعب السوري مستاءة من النظام ولا تنضم للمعارضة، فما سبل إشراك الناس واستقطاب الشارع للعملية السياسية المعارضة؟

هناك معارضة جماهيرية عريضة على الأرض ولكنها صامتة, والمؤشرات على ذلك كثيرة من أبرز هذه المؤشرات تجنب النظام إجراء انتخابات حرة نزيهة وشفافة سواء أكانت محلية أو تشريعية, رغم زعمه بوجود أكثر من مليون منتسب لحزب البعث, وهذا الرقم ضخم بالمعايير الانتخابية بالنسبة لدولة مثل سوريا سكانها بحدود 20 مليون نسمة, من غير الممكن منافسته في الواقع بالأدوات الواهنة للتيارات التي تعلن نفسها كمعارضة اليوم, ومع ذلك يخشى النظام الإقدام على مثل هذه الخطوة, لأن المعطيات التي أفرزتها التجارب الانتخابية الماضية أثبتت وجود هذه المعارضة الصامتة, وقد عايشنا هذه التجارب, حيث لم تتجاوز نسبة المقترعين من الحجم الكلي للناخبين فيها أكثر من 10% على أحسن تقدير, رغم استنفار كل أجهزة السلطة وتدخلها لصالح قوائم النظام, وهذا يعني إن النظام لا يثق بجمهوره الانتخابي ويخشى أن ينقلب عليه في لحظة من لحظات الحرية حتى وإن كانت طارئة. وقد قيل انه في بدايات عام ألفين كانت هناك نية لدى النظام خوض تجربة من هذا النوع, ولكن بعض الدراسات الداخلية التي أجراها لم تكن مشجعة وجعلته يعدل عن الفكرة.

أما لماذا لا يكسر هذا الجمهور العريض الصمت وينخرط في المعارضة..؟ أعود لأكرر تلك الحقيقة التي استعرضتها قبل قليل وهي ليست ثمة قوى معارضة مؤثرة على الأرض تستطيع استقطاب هذا الجمهور وإقناعه بقدرته على التغيير, وخاصة أن النظام قد نجح مرة تلو الأخرى بتحييد أو احتواء بعض التيارات التي حاولت أن تطرح نفسها كقوة معارضة مرشحة لان تكون جماهيرية والآن يفعل كذلك ما يحدث مع جماعة الأخوان المسلمين وغيرها, وتفكيك وتصفية أخرى كان آخرها تيار إعلان دمشق.

س3:إن كان توظيف الضغوط الدولية والرأي العام العالمي من أساسيات النشاط المعارض، فما الذي فعلته المعارضة لهذا الغرض؟

إذا أخذنا الرأي العام العالمي بشقه الرسمي فقد بدأ الاهتمام الدولي بالوضع الداخلي السوري قليلاً أبان عهد الإدارة الأمريكية السابقة, وحذت أوربا أيضا حذوها لان القرار الأوربي في قضايا الشرق الأوسط هو استنساخ للقرار الأمريكي. ولكن الإدارات الأمريكية على مدى تاريخها لم تكن مهتمة قضايا حقوق الإنسان والشعوب والحريات, بقدرما كانت مهتمة بتحقيق مصالحها الاقتصادية والإستراتيجية, وكانت هذه المصالح تتلاقى باستمرار مع الأنظمة رغم ادعائها أحياناً عكس ذلك, ولذلك لم تكن أمام المعارضة السورية الكثير من الفرص للاستفادة من الضغوطات الدولية, وخاصة أن قضية التغيير في سوريا لم تكن مطروحة بشكل جدي من لدن الرأي العام العالمي الرسمي, والضغوطات التي مورست على النظام لم تكن تتناول قضايا التغيير مثل قضية التحول الديمقراطي وقضايا الحريات وحقوق الإنسان, بقدرما كانت توظف هذه القضايا لانتزاع بعض التنازلات من النظام في قضايا إقليمية محل الخلاف.

أما عن الشق غير الرسمي للرأي العام العالمي المتثمل في المنظمات الحقوقية وغيرها من تشكيلات المجتمع المدني ورغم أهمية دوره الذي بدأ يتعاظم في السنوات الأخيرة, إلا انه لا يملك الكثير من أوراق الضغط لتمارسها على الحكومات, وتأثيره في القرارات الرسمية للدول محدودا جداً وأحيانا يكون تراكميا قد يظهر في المدى الطويل.

س4:تبنت شرائح المعارضة النشاط السلمي، فما الفرق بين العربية والكوردية منها؟ و ما هو الحل الأمثل للقضية الكوردية في سوريا برأيك، هل هو: حقوق المواطنة أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية او ....؟

خلال العقدين الأخيرين أو أكثر لم تتبنى تيارات المعارضة السورية غير السبيل السلمي للتغيير وهذا ينسحب على كل أطياف المعارضة السورية العربية والكردية على حد سواء, ولكنها اختلفت فيما بينها في كيفية الوصول إلى التغيير, فبعضها تطرح قضية التغيير السلمي التدريجي أي العمل من اجل التغيير من خلال مؤسسات السلطة وعبر أدواتها المتاحة, وبعبارة أخرى أي السعي للتغيير عبر الكلمة وهامش الانتخابات التي تجريها السلطة والتظاهرات والاعتصام والإضرابات الموضعية, لإحداث تغييرات هادئة وسلسلة بعيدا عن مفهوم الصدمة, ويتوقف إمكانية نجاح هذا السبيل على مدى قابلية مؤسسات السلطة لهذا النوع من التغيير, وهو بالتأكيد السبيل الأقل كلفة ولكنه قد لا يكون ممكنا, وإن كان ممكنا يأخذ وقتاً طويلا, وفي سوريا تثبت الوقائع أن أجهزة السلطة تبدو عصية على هذا النوع من التغيير, بينما هناك من يطرح عملية التغيير كدفعة واحدة عبر ما يسمى بمفهوم الصدمة وهذه العملية غير ممكنة إلا بإسقاط مؤسسات النظام وهي بحاجة إلى أدوات مختلفة قد تكون عبر الانتفاضات الشعبية أو العصيان المدني أو ما إلى غير ذلك وهي تستدعي وجود قوى معارضة قوية ومنظمة تستطيع إدارة عملية ضخمة من هذا النوع, وهذا ما لا يتوفر في المعارضة السورية اليوم.

أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال حول الحل الأمثل للقضية الكردية, فهذه القضية تنهض على ثلاثة أركان: الركن الأول هو وجوب الاعتراف بالوجود القومي الكردي في سوريا كثاني اكبر قومية رئيسية في البلاد و كشعب يعيش على أرضه التاريخية وتثبيت هذا الاعتراف في دستور البلاد وذلك كمقدمة للانتقال إلى تناول حل هذه القضية كحقوق قومية متساوية, لأن دون هذا الضمان القانوني الدستوري لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن أي حل ممكن ومستديم للقضية الكردية. ثانياً إلغاء المشاريع الاستثنائية ومشاريع التعريب في المناطق الكردية ومعالجة آثارها. وهذان الركنان لا خلاف عليهما في إطار الحركة القومية الكردية وثمة إجماع حولهما في الأدبيات السياسية الكردية.أما الركن الثالث وهي الحقوق القومية للشعب الكردي التي يجب أن يتمتع بها أسوة بالشعب العربي في سوريا, ففي هذه المسألة تتباين أطروحات الأحزاب الكردية بين الحقوق الثقافية والاجتماعية والسياسية والإدارة الذاتية والحكم الذاتي.

الطرح الأول أي الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية هو في الواقع طرح ملتبس قابل للمد والجذر ليس له حدود سياسية أو قانونية واضحة, يحتمل مختلف التفسيرات, ولا أعتقد أن مثل هذا الطرح يمكن أن يشكل أساساً عملياً صالحاً لحل ما للقضية الكردية, بينما هناك من يطرح مفهوم الإدارة الذاتية الذي هو الآخر ليس له ضوابط قانونية متعارف عليها, لأن مفهوم الإدارة الذاتية هو بالأساس مصطلح سياسي ليس له تكييف قانوني واضح ومحدد, فقد يتسع ليأخذ مفهوم اللامركزية السياسية أو الدستورية ليشمل الحكم الذاتي والاتحاد الفيدرالي وقد يضيق ليتطابق مع مفهوم اللامركزية الإدارية الذي يعرف في سوريا بقانون الإدارة المحلية, بينما طرح حزبنا في مؤتمره السادس مشروع الحكم الذاتي كأساس لحل القضية الكردية في سوريا, وهو بالتأكيد الأكثر وضوحا في مقاصده ومراميه, وهناك المئات من تجارب الحكم الذاتي في العالم صيغت على أساس جغرافي أو اثني أو قومي أو ديني أو طوائفي, ولكن للأسف فقد تعرض هذا الطرح لحملة شرسة من قبل المعارضة السورية قبل النظام, لأنه على ما يبدو قد خدش نزوعها القوموي والعنصري الضيق المبطن بذريعة انه طرح انفصالي, قبل إن يتوجها النظام باعتقالات لعدد من الرموز القيادية في حزبنا, رغم أن مشروع الحكم الذاتي ليس له علاقة بالانفصال لا من قريب ولا من بعيد وخلفيات تبنيه تاريخياً من جانب عصبة الأمم واضحة لا لبس فقد جاء صياغة هذه المفهوم القانوني بناء على مقتضيات مصالح الدول الاستعمارية في مواجهة حركات التحرر الوطني, لديمومة الاحتلال والإبقاء على تبعية المستعمرات لها في مواجهة مشاريع حركات التحرر التي كانت تنادي بالانفصال و الاستقلال وتنبتها فيما بعد الدساتير الوطنية كصيغة تجسد احد أوجه مفهوم حق تقرير المصير وذلك كحل للمشكلات القومية والدينية والمذهبية التي ظهرت في الدول الحديثة بهدف الحفاظ على الوحدة والتعايش القومي المشترك في كنف الدولة الوطنية.

س5: ما السبيل برأيك لتقوية المعارضة، ومستقبل سوريا إلى أين؟

ليس لدي وصفة جاهزة يمكن تقديمها لمعالجة وضع المعارضة السورية, ولكن عبر الحوار العقلاني بعيدا عن منطق الإقصاء وفرض الرأي الواحد والإيديولوجيات المتكلسة, يمكن للمعارضة أن تتوصل إلى إجتراح السبل المناسبة لتجاوز واقعها الراهن. ولكنني على قناعة بأن الواقع السوري بإرهاصاته الراهنة مرشح لإنتاج تيارات معارضة جديدة قد تكون قادرة على دخول المعادلة السورية الداخلية بقوة, رغم كل صعوبات العمل السياسي السلمي الديمقراطي في سوريا في ظل الفتك الذي تمارسه آلة القمع بالحقوق والحريات العامة.

أما عن المستقبل اعتقد إن سوريا تمر في منعطف حرج للغاية, لا يمكن بالتأكيد تصور ما يمكن أن تؤول إليها أوضاعها الداخلية في ظل تراكم الاحتقان بسبب غياب الحريات والقمع وتفشي الفقر والفساد وما إلى غير ذلك, وخاصة إننا نعيش في منطقة يخيم عليها أجواء الاضطرابات واللااستقرار في سياق لعبة مشاريع النفوذ وليً الأذرع التي تدار من قبل القوى الدولية والإقليمية, والتي تنذر بانفجارات كبرى لا يمكن توقع مداها, قد تؤدي إلى تحولات كبرى, لن تكون سوريا بمنأى عن تداعياتها, من جانب آخر أنا متفائل بالتحولات التاريخية التي تشهدها القضية الكردية, ولا أعتقد أن النظام في سوريا يستطيع أن يصمد طويلاً أمام هذه التحولات ويبقى بعيداً عن تأثيراتها, وقادراً على إدارة لعبته الأمنية القديمة بالنسبة للشعب الكردي وقضيته القومية, وخاصة أن سياسة الاضطهاد والتمييز القومي والقمع الواسع إذا كانت قد نجحت برأي النظام في إسكات الشارع الكردي إلى حين, فإن هذه السياسة أصبحت وفي ظل بعض الانفراج التي تشهده القضية الكردية في المحيط الإقليمي واللاإستقرار التي تشهده المنطقة على مختلف المستويات تنطوي على قد كبير من المجازفة, قد تنتج ردات فعل غير محسوبة تربك كل الحسابات.

المصدر:موقع سوبارو  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري