في أول ظهور علنيّ له منذ أنّ ترك
منصبه قبل ثلاثة أشهر ونصف، وصف رئيس
الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) السابق،
مئير دغان، فكرة مهاجمة سلاح الجو
الإسرائيلي للمنشآت النووية الإيرانية
بأنها أغبى ما سمع، وأنّها فكرة غبيّة
للغاية، واعتبر أن ما حصل في مصر لم يكن
ثورة، وأن لإسرائيل مصلحة في إسقاط النظام
السوري.وقالت صحيفة 'يديعوت أحرونوت'
العبريّة الأحد إنّه في محاضرة ألقاها
أمام جمعية كبار الموظفين الحكوميين في
الجامعة العبرية، قال دغان إنه توجد في
إيران بنى تحتية نووية سرية تعمل إلى جانب
البنى المدنية الشرعية، والأخيرة فقط هي
التي تخضع للمراقبة الدولية، وان ضربها
يعتبر غير قانوني بحسب القانون الدولي.
وقال دغان إن إيران وخلافا للعراق قامت
بتوزيع منشآتها النووية في كافة أنحاء
إيران، الأمر الذي يصعب تنفيذ خطة هجومية
ناجعة عليها. وأضاف أن المشكلة في الهجوم
الإسرائيلي على إيران لا تكمن في قدرات
سلاح الجو، وإنما بسبب الشكوك في إمكانية
إنجاز المهمة وتحقيق كافة أهدافها.
وردا على سؤال بشأن ماذا سيحصل لاحقا، قال
دغان إن حربا ستنشب مع إيران، وهي من نوع
الحروب التي نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف
تنتهي. وقال إن إيران قادرة على مواصلة
إطلاق الصواريخ على إسرائيل لشهور كثيرة،
كما أنها قادرة على دفع حزب الله الى
إطلاق عشرات آلاف الصواريخ من طراز غراد،
ومئات صواريخ سكاد بعيدة المدى، كما أن
طهران قادرة على تفعيل دور حماس، إضافة
إلى أن هناك خطر انضمام سورية إلى الحرب.
وفي حديثه عن التطورات في العالم العربي،
قال دغان إنّه لا يوجد تسونامي من التغيير
في الشرق الأوسط. وادعى أن ما يحصل يعبر
عن شروخ تاريخية في المجتمع العربيّ.
أما بشأن مصر، فقال إن ما دفع الجماهير
الغفيرة من المصريين للخروج إلى الشارع لم
ينبع من ثورة الإنترنت، مع الأخذ بعين
الاعتبار أن غالبية المصريين ليس لديهم
حواسيب، وادعى أنه لم تحصل ثورة في مصر
وإنما استبدال زعماء، وأنه لا يوجد خطر في
أن يصل الإخوان المسلمون إلى السلطة.
وبحسب دغان فإن الإخوان المسلمين يخشون
حصول ضربة شديدة للاقتصاد المصري، بسبب
اعتماده على السياحة والمساعدات الأمريكية.
وفي حديثه عن سورية، قال إنه سيكون من
الأفضل أن يتم إبعاد الرئيس السوري بشار
الأسد عن الحكم، لأن ذلك سيوقف المساعدات
عن حزب الله، ويضعف نفوذ إيران، ويعزز
المعسكر السني في سورية وفي العالم العربي،
وأن في ذلك مصلحة لإسرائيل من الناحية
الإستراتيجية، بحسب تعبيره. وبحسبه فإن
الرئيس السوري سوف يحارب حتى النهاية،
لأنه لا توجد بدائل، فإما النصر أو الموت.
ورأى المحلل للشؤون الاستخباراتيّة في 'يديعوت
أحرونوت' رونين بيرغمان، أنّ أقوال دغان
جاءت بهدف واحد ووحيد وهو منع رئيس
الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو،
ووزير الأمن، إيهود باراك، من الإقدام على
توجيه ضربة عسكريّة للمنشآت النوويّة
الإيرانيّة، لافتاً إلى أنّ أقوال دغان هي
بمثابة اغتيال ممركز لفكرة الضربة
العسكريّة لإيران. على صلة، رأى المحلل
للشؤون العسكرية في موقع 'يديعوت أحرونوت'
الالكترونيّ، رون بن يشاي، أنّ الضربة
العسكرية الإسرائيلية لإيران لن تُدمر
البرنامج النووي في طهران، ومن ناحية أخرى،
فإنّ الدولة العبرية غير قادرة على تحمل
تداعيات الضربة، خصوصاً الجبهة الداخلية،
وبالتالي أضاف المحلل عينه، فإنّ رئيس
الموساد الجديد سيسير على خطى سابقه في كل
ما يتعلق بالبرنامج النووي للجمهورية
الإسلامية الإيرانية.
في نفس السياق، ذكّر المحلل بأقوال داغان،
ان إيران لن تتمكن من الحصول على القدرات
النووية قبل العام 2015 على الأقل. وقال
إنها تواجه عوائق تقنية عديدة في تطوير
قدراتها النووية لم تستطع التغلب عليها
حتى الآن، لكنه أكد أن لدى النظام
الإيراني رغبة شديدة في الحصول على السلاح
النووي.
من ناحيتها زعمت إذاعة الجيش الإسرائيلي
نقلاً عن مصادر أمنية قولها إن هناك
نقاشات داخل نظام الحكم الإيراني حول جدوى
تطوير سلاح نووي مقابل المخاطر التي قد
تواجهها الجمهورية الإسلامية بسبب
برنامجها النووي، أمّا صحيفة 'معاريف' فقد
نقلت عن دغان تقديره القائل ان لدى حزب
الله اللبناني قدرات نارية أكثر من قدرات
90 في المئة من دول العالم. ونقلت الصحيفة
عن الأوساط الأمنية الإسرائيلية ان لا
خلاف في التقديرات بين إسرائيل والولايات
المتحدة بشأن النووي الإيراني، لكن هناك
تباينات في مواقف الدولتين، إذ أن
الولايات المتحدة لا ترى بالنووي الإيراني
كخطر وجودي عليها فيما ترى إسرائيل بذلك
كخطر وجودي عليها، ورغم ذلك تتفهم
الولايات المتحدة القلق الإسرائيلي من
النووي الإيراني وإبعاده المستقبلية، على
حد قولها.
ونقلت الصحيفة عن الأوساط عينها تقديراتها
أن فرص قيام الولايات المتحدة بعملية
عسكرية ضد إيران ضئيلة جداً، إذ تخوض
الولايات المتحدة 3 معارك في أفغانستان
والعراق وباكستان. وفي ما يخص سورية، فقد
نقل التقرير عن دغان قوله في جلسة للحكومة
خلال حرب لبنان الثانية إنه يجب الامتناع
قدر الإمكان عن الدخول في حرب مع سورية،
دون التنازل عن المصالح الأمنية الضرورية
لإسرائيل، خصوصاً في ما يتعلق بمحور (إيران
- حزب الله). ورأى التقرير أن موقف داغان
المذكور فسر وكأنه تأييد لتسوية سياسية مع
سورية وفق الشروط السورية مقابل تعهد بوقف
تسليح حزب الله وحركات المقاومة.
على صلة بما سلف، قال الباحث الإسرائيلي،
إفراييم أسكولاي، رئيس لجنة الطاقة
النووية الإسرائيلية السابق، في دراسة
نشرها على موقع مركز أبحاث الأمن القومي
التابع لجامعة تل أبيب قال إنّه من المؤكد
أنّ للعقوبات تأثيرا قويا على إيران على
الرغم من أنّ الصين تخفف من الضغط وأنّ
الجزء الأعظم من تجارة إيران مع العالم
مازال مستمرا.
وعلى الرغم من الضغط الدولي المتزايد فان
إيران لم تبد أي استعداد لتقديم تنازلات
حول الملف النووي، مشيراً إلى أنّ الموقف
الأمريكي يثير الاستغراب بشكل خاص لأنّ
الرئيس مازال متمسكا بأفكار الحوار في وقت
يتراجع فيه الدعم الشعبي للإدارة الحالية
ويتضاءل، الإيرانيون يسخرون من الغرب وهم
يجادلون في مكان المفاوضات وليس موعد
المحادثات ويلمحون الى أنّ البرنامج
النووي لن يناقش، وغياب ردّ فعل أمريكي
فيما يتعلق بالتطوير النووي لكوريا
الشمالية ليس أقلّ قلقا. وتبعا لذلك فإنّ
فرص وقف النشاط والإنتاج والانتشار من قبل
عدّة دول وهي الأخطر هي ضئيلة في أحسن
الحالات، وخلص إلى القول إنّ تصريحات
الزعماء أصبحت خالية من أي مضمون عملي
وجاد، وتسهم في تطور الوضع بشكل مثير
للقلق، على حد تعبيره. |