انطلقت
مع بداية الخطة الخمسية العاشرة، وعود
الحكومة ورموزها الاقتصاديين بمضاعفة
رواتب الموظفين عما كانت عليه في بداية
الخطة، تم تنفيذ زيادة 65 % منها خلال
السنوات السابقة، كان آخرها زيادة 25 %
على الرواتب في أيار 2008، وبقي على إتمام
المخطط له خلال الخطة زيادة 35 % متوقعة
من الحكومة، وقد تواصلت التصريحات
والتلميحات إلى نية الحكومة الحفاظ على
وعودها والوفاء بها قبل نهاية 2010.
ومن بين التصريحات الكثيرة تصريح للنائب
الاقتصادي عبد الله الدردري بتاريخ
7/8/2009 قال فيه: إن الفترة المتبقية حتى
نهاية 2010 (أي نحو سنة ونصف) ستشهد زيادة
في رواتب الموظفين تصل إلى 35% تطبيقاً
لما نصت عليه الخطة من تحقيق زيادة على
الرواتب والأجور تصل إلى 100% خلال الخطة
الخمسية العاشرة التي وعدت بتحقيق زيادة
على الرواتب والأجور تصل إلى الضعف عما
كانت عليه مع انطلاق الخطة، وأشار إلى أن
هذه الزيادة ستأتي متزامنةً مع مشروعات
حكومية تهدف إلى تحسين معيشة المواطن بشكل
عام!
ومن بين التصريحات أيضاً تصريح رئيس مجلس
الوزراء محمد ناجي عطري في لقاء مع
التلفزيون السوري في 6/3/2010 حيث أوضح أن
الحكومة لا تزال ملتزمةً بوعودها تجاه
زيادة الرواتب والأجور وهناك تحد حول
الإيفاء بهذه الوعود وإحقاق زيادة في
الرواتب بنسبة 35% قبل نهاية 2010 لإكمال
الخطة المقررة خلال الخطة الخمسية العاشرة
بزيادة الرواتب 100% عما كانت عليه في
بداية الخطة، واعتبر أن أرقام النمو التي
أعلنتها الحكومة قد انعكست على المواطنين
السوريين (ولكنه لم يحدد هل انعكست سلباً
أم إيجاباً)، ولكن وزير المالية محمد
الحسين صرح منذ أيام بأن زيادة الرواتب في
حال إقرارها تحتاج إلى موارد لتغطيتها، أي
أشار الوزير مباشرةً إلى أن الموارد غير
كافية حالياً لإقرار الزيادة على الرواتب.
مع بداية الخطة الخمسية العاشرة كان الحد
الأدنى للرواتب 3642 ل.س وبتحقيق زيادة
بلغت نسبتها 65% أي بحدود 2368 ل.س بلغ
الحد الأدنى للأجور في عام 2010 مبلغ 6010
ل.س. ومع الزيادة الموعودة والبالغة
نسبتها 35% أي ما يعادل 2103.5 ل.س، سيصبح
الحد الأدنى للأجور 8113 ل.س وهو يعادل
تماماً ضعف ماكانت عليه الأجور في مطلع
الخطة الخمسية العاشرة أي 7284 ل.س،
مضافاً إليه زيادتين دوريتين معدل الواحدة
9% في عامي 2008 و 2010.
هل مبلغ 8113 ل.س هو كل ما تطمح الحكومة
إلى تقديمه كدخل للأسرة السورية في نهاية
الخطة الخمسية العاشرة؟! وكم يشكل هذا
المبلغ من الحد الأدنى المطلوب للأسرة،
للحصول على الحد الأدنى من مقومات الحياة
المعيشية اليومية والتي حددته بعض
الدراسات الاقتصادية بـ25 ألف ليرة
سورية؟! وكيف سيواجه المواطن آثار التضخم
التي بلغت في عام 2008 وحسب التصريحات
الرسمية 15%وزاد فوقها في عام 2009 بمعدل
3.8%؟!
عند تحقيق آخر زيادة على الرواتب بنسبة
25% عام 2008، كان الحدث الأبرز حينها نحو
تحسين مستوى المعيشة بشكل عام، رفع الدعم
عن المحروقات في الفترة نفسها، وتخلي
الدولة عن مراقبتها للأسعار وإطلاق يد
التجار الكبار للتحكم بالسوق بحرية،
يقودهم الجشع والطمع للأرباح الفاحشة دون
رادع أو رقيب.
وها قد شارف عام 2010 على نهايته وما زال
الشارع السوري تتقاذفه الكثير من علامات
الاستفهام والاستفسار: هل ستستطيع الحكومة
الإيفاء بوعودها بتحقيق الزيادة المتبقية
الموعودة؟ وهل زيادة الرواتب ستغطي
ارتفاعات الأسعار وغلاء مستوى المعيشة
بشكل عام وجذري؟! وهل الزيادات بمجملها
ستردم الهوة بين الأجور والحد الأدنى
الضروري لمستوى المعيشة؟! ومن أين ستوفر
الحكومة الموارد اللازمة لتغطية الزيادة؟!
إن الموارد الحقيقية الضرورية لتنفيذ هذه
الخطة معروفةً تماماً، ولكن هل لدى
الحكومة النية الصادقة بتنفيذها؟! المورد
الأول هو المورد الأساسي هو مكافحة الفساد
ووقف الهدر وسرقة المال العام والقطاع
العام، وموارد الدولة وخزينتها، والمورد
الثاني هو مكافحة التهرب الضريبي وتحصيل
الضرائب الحقيقية من التجار والصناعيين
الكبار الذين يتهربون من تسديد ما يترتب
عليهم لخزينة الدولة، وهي مبالغ طائلة
وتشكل وفراً حقيقياً في الدخل الوطني،
والمورد الثالث هو وجوب مشاركة القطاع
الخاص برفد الخزينة بجزء من الواردات
اللازمة لزيادة الرواتب لأنه يستثمر،
وبدعم من الحكومة، الجانب الأكبر من
قطاعات الاقتصاد الوطني ويحصد ثمارها..
لذلك عليه أن يغطي ويتحمل الجزء الأكبر من
تكاليف الجانب الاجتماعي لعملية التنمية
التي يحصد القطاع الخاص ثمارها منفرداً
دون سائر الشرائح الواسعة في المجتمع
السوري.
إن قرار الزيادة ليس مجرد تصريحات ونوايا
فردية للمسؤولين، بل هو قرار سياسي تم
اتخاذه على أعلى المستويات، فهو هدف من
أهداف الخطة الخمسية العاشرة التي ينبغي
على الحكومة تحقيقها قبل نهاية 2010، فهل
ستنفذ الحكومة الخطة؟ أم أنها ستخذل
قرارنا السياسي وستخذل الشرائح الكبيرة
الواسعة من شعبنا الذي ينتظر بارقة أمل في
تحسين وضعه المعيشي؟ |