نشرت صحيفة "الجمهورية"اللبنانية
في حلقة ثانية من المحضر السري
للقاء الأخير الذي عقد بين رئيس الحكومة
الراحل رفيق الحريري ووزير الخارجية
السوري وليد المعلم في قريطم قبيل اغتياله
عام 2005، حيث اعترف المعلم بأن "سوريا
والأجهزة العاملة في لبنان أوصلت الحريري
إلى "الزاوية" فيما عبّر الحريري عن
معاناته وسوء معاملته من القيادة السورية
بكل جرأة ووضوح".
الحريري: أعرف من وراء القرار 1559، فاروق
الشرع أقنعه أن رفيق الحريري وراء هذا
الأمر، لأنه فاشل ويريد تغطية فشله برفيق
الحريري. أنت تعلم بالقرار 1559 منذ
حزيران والفرنسيون أبلغوا إليكم هذا الأمر،
والأميركيون يعلمون. وأنت تعرف أنه لولا
التمديد لما صدر الـ1559، وأنت تعلم أن
هذا الكلام غير صحيح.
المعلم: دولة الرئيس، نريد حل المشكلة،
أنا قلت لك نكتة فخري البارودي لأقول لك
كم عانيت لأصل إليك ولأقنع الرئيس الأسد.
هناك تقارير عن دور رفيق الحريري في
القرار 1559 (...) أنا أحارب هنا وهناك،
أنا "لاطينلي" على مهمّتي ولا يريدون أن
يتغير شيء، لكن أنا أقرر ولست سائلا عن
أحد، حتى الوظفية لست سائلا عنها، أصبح
عمري 64 عاما. كما أنهم أقنعوه (بشار
الأسد) أن هناك مخططا والدليل الحديث عن
التمديد لليونيفيل في مجلس الأمن، وأن
رفيق الحريري سيعود رئيسا للحكومة وينفذ
هذا الأمر. قال لي إن العملية بدأت لضرب
فتنة طائفية بين السنّة والشيع...
الحريري: كيف؟
المعلم: ما قاله الملك عبد الله عن الهلال
الشيعي. ما أريد أن أقوله، أن هناك نظرة
سلبية ضدك، لجهة أن المعارضة لم تكن لتقف
على رجليها لولا رفيق الحريري، وأن تيار
المستقبل في المعارضة ويتحرك من الحريري.
الحريري: صحيح..
المعلم: رستم غزالة عاد إلى لبنان، وليد
جنبلاط التقى معكم..
الحريري: لقد التقيت رستم قبل وبعد.
المعلم: الرئيس بشار، مثل أي رئيس مسؤول
يخضع للتقارير
الحريري: منذ أربعة أعوام وأنا أقاوم
التقارير، وقد أستسلمت لأنني لا أستطيع
مقاومتها، فالتواصل معكم مقطوع وكذلك مع
الرئيس بشار الأسد، هناك أشخاص من جماعتكم
في لبنان، يملكون خلية متخصصة برفيق
الحريري وبإرسال التقارير. سيرسلون تقريرا
بأنني قابلتك، ويغيروا التفاصيل "فوقاني
تحتاني" ويختلقوا حوارا وأنهم يراقبون بيت
الحريري، وأنا قلت له مرارا إسألني، يسأل
أبو عبدو، أنظر أبو عبدو إلى أين أوصله (بشار
الأسد)
قلت له يا سيادة الرئيس أنك أجريت تعيينات
منذ عامين، إنو ماهر صار كذا وآصف كذا،
فهل تريدني أن أجري اتصالا بأحد، فقال لي
أبدا، فقط معي، والتقي في بعض الأحيان
غازي وأبو عبدو وصاحبك أبو جمال. مرة أردت
أن أقابل ماهر فقال لي أنا سأرتب الموعد
ولم يحصل، هذا منذ عامين. وأنا لا أريد أن
أتصل بأحد من سوريا إلا من خلاله، حتى
أيام الرئيس حافظ الأسد، فهو الذي أنشأ
علاقتي بأبو جمال. وعلاقتي مع أبو جمال
تطورت إلى صداقة عائلية وهو رجل خارج
القرار منذ أعوام عدة. فماذا أفعل يا وليد
أمام تقارير ترده. أنت تعرف أن موضوع
القرار 1559 بدأ منذ زمن وقد أبلغكم
الفرنسيون به.
المعلم: كلا لم يقل، السفير أنكر، صدقني
أنا استدعيته، جيرو أنا استدعيته.
الحريري: لا أتكلم عن جيرو، السفيرة
السورية في فرنسا عندكم استدعيت وأبلغوها،
وتكلموا معها عن التمديد مرات عدة
واعتبرتم أن أي شيء يصدر عن فرنسا وراءه
الحريري، كأن فرنسا دولة فاضية ورفيق
الحريري يحركها. لنتفاهم هل أنا فرنسي أو
أميركي، أو هل أنا centre de gravite
للعالم؟
المعلم: أنت كنت وزير خارجية لبنان وسوريا
الحريري: هذا الكلام الذي "جنّن" فاروق
الشرع
المعلم: أبو بهاء كان وزير خارجية البلدين
....
الحريري: لنفترض جدلا، فرفيق نعرفه منذ
العام 1982 أي منذ 22 عاما لم تنقطع
العلاقة معه، وهو كان رئيسا للحكومة مدة
12 عاما، فلماذا تغير هذه السنة، ليسألوا
أنفسهم قبل أن يسألوني؟ لماذا تغير إلى
درجة أصبح فيها مستعدا للتعاون مع الجميع
ضد سوريا، هناك سبب، هو لم يتغير لا يزال
هو نفسه، لكن أوصلناه إلى مكان "طلّعنالو
دينو" لماذا؟ ماذا حدث؟ أين الخطأ من
جهتكم أو من جهته؟ ... هل أنا من الأساس
عميل فرنسي، أوروبي ،أميركي ؟؟؟
المعلم: يتكلمون عن تأثيرك ...
الحريري: لماذا أثّرت هناك، فأنا أعرف
شيراك من الأساس، وهو منذ 9 أعوام "ماشي
مع سوريا متل الساعة"، وعندما أتى إلى
البرلمان اللبناني قال إن الوجود السوري
في لبنان باق حتى إرساء السلام. أنا "خليتو
يحكي هذا الكلام وأنا خليتو يحكي الكلام
التاني"، أليست هذه النظرية ...
المعلم: أوصلوك إلى الزاوية
الحريري: لماذا؟ من أوصلني؟
المعلم: نحن والأجهزة هنا
الحريري: شوف وليد، للموقف الفرنسي مجموعة
عوامل، الدبلوماسية السورية لم تدرك أهمية
لبنان بالعقل والعاطفة الفرنسية. أنا أعلم
ماذا يحصل
المعلم: أنا أتكلم بصراحة لأنني أريد
معالجة هذا الموضوع
الحريري: وأنا أتكلم بصراحة وأعلم ماذا
يحصل، وكنت أعلم بأشياء عدة كانت تحصل،
لكنني لم أتدخل في هذا الموضوع، أنا لم
أكن وراءه لكنني لم أوقفه. سأقول لك لماذا.
هناك عريضة أنجزها ميشال عون في فرنسا بعد
صدور قانون محاسبة سوريا، وقعها 103 نواب
فرنسيين، فأتى إلي هاني حمود، وهو صحافي
لبناني - فرنسي يعيش في فرنسا، إلى هذا
المكتب بالذات وقال لي: دولة الرئيس هناك
عريضة أنجزها ميشال عون وقعها حتى الساعة
103 نواب فرنسيين من أصل 560 أو 650 نائبا
في البرلمان، تتعلق بقانون محاسبة سوريا
وتحرير لبنان، وبعض النواب الموقعين هم من
نواب شيراك، سألته متى؟ قال لي حصل هذا
الأمر في الـ24 أو 48 ساعة الماضية.
فاتصلت بشيراك فقال لي أن لا علم لديه
بالموضوع. وفي اليوم نفسه أو اليوم التالي
عاودت الاتصال به فأبلغ إلي أن الأمر صحيح
و"إنو قامت القيامة" وتكلم مع رئيس
البرلمان وأوقف الموضوع، فقلت له ممنون.
عندها صدر كلام من سوريا "إنو الحريري
وراها"، وحياة عيوني؟؟؟
المعلم: لم تخبر الرئيس ماذا فعلت....
الحريري: لم أخبره، هناك كثير من الأمور
قمت بها ولم أتكلم. أنا لست مثل " يللي
شايفهن بين أجريك"، أنا اعتبرت أن ما حصل
spontané (عفوي)، أما هم فاعتبروا أن
الحريري وراء هذا الأمر، وأوقفه "حتى
يربحنا جميلة". وكنت في الأساس أعيش مرحلة
من الهجوم علي "إلا أول ما إلا تاني:
بهدلة، وشرشحة ودعوسة".. فقلت يا رفيق "لو
ضويت العشرة" لهذه الجماعة "خلص" فهم لا
يحبونك ولا يثقون بك.
المعلم: هكذا فجأة؟
الحريري: نعم، وهذا الكلام صادر عن أعلى
مستوى في سوريا. "بكون حكى مع فاروق"،
والأخير قال له "هذه تقريقة"، الحريري يقف
وراءها وهو أوقفها "ما يربحنا جميلة".
هناك 103 نائبا وقعوا وقد يصبحون 400 في
ثلاثة أيام .... لا يمكنني أن أفعل أكثر
مما فعلت. وهذا الكلام عمره عام ونيّف،
ومنذ ذلك الحين أنا لم أتدخل، حتى جاء
مؤتمر القمة في تونس. وقد سبقه اجتماع
عاصف بيني وبين بشار وغازي ومحمد خلوف
وأبو عبدو، اجتماع "الله ما يحط حدا في"،
تخلله كلام كبير، من قبله ومن قبلهم.
المعلم: حتى غازي؟
الحريري: نعم، إسأل غازي عن الموضوع. خرجت
من الاجتماع ورأيت أن الأمر في منتهى
الخطورة وإنني أمام رئيس شاب وإذا اصطدمت
به سأصطدم بسوريا، وقلت له هل يعقل القول
إن الحريري هو وراء هذا الموضوع وهو أوقفه
"ما يربحنا جميلة" .
سألني عن رأيي، فقلت إذا كان الكلام صحيحا
فلا يجب أن أعود رئيسا للحكومة في لبنان
وإذا لم يكن صحيحا فلا يجب أن يقال ...
وبعد هذا الكلام لم ألتقه حتى تونس، طلبت
رؤية الرئيس، فأبلغوني أنه سيراني في
الشام. وبعدها علمت بالموضوع، طلبت رؤيته
لأخبره الحقيقة فرفض، ولم أكن أريد الحديث
مع أبو جمال ولا مع "هيدا يللي هون"، ومرت
أشهر عدة، ولم ألتقه حتى حصل التمديد،
فأرسل في طلبي وعمّم على الجميع أننا
اجتمعنا لمدة 14 دقيقة أو ربع ساعة. أولا
أنا رئيس حكومة ترسل في طلبي لربع ساعة "ماشي
الحال"، ما المقصود، عمّم هذا الموضوع كما
عمّمت الأجهزة الحديث الذي دار بيننا على
كل وسائل الإعلام، لماذا؟ يوم التمديد
أرسل في طلبي، وقال: تقول دائما إنك مع
سوريا وهذا سيؤكد إذا كنت تعني ما تقول أو
لا تعنيه. فقلت له سيادة الرئيس أنا مع
سوريا منذ 25 عاما فهل تقول لي إنني إذا
لم أسر معكم في الموضوع فهذا يعني أنني ضد
سوريا، قال لي: نعم. فأجبته سأفكر.
عندها ذهبت إلى بيتي في فقرا وحسبت
الموضوع من كل جوانبه، وأنا أعرف أنني
بعدد النواب الذي أملك أستطيع إفشال
التمديد لكن هذا يعني "إنو عم فشّل بشار
الأسد" وهذا ما لا أقبله، وبعدها سيكون له
رد فعل ويحاول الإتيان بسليمان فرنجية
"ويعمل قصة طويلة وعريضة"، لكنني أعلم في
المقابل أن التمديد سيؤذيه. هو لم يسألني
عن رأيي، قال لي قرّرت. "قعدت أضرب أخماس
بأسداس" كل الليل وحيدا. قلت قد يدفعه هذا
الأمر إلى إعادة النظر في موقفه. وقد
حدثته في اليوم التالي وقابلته واتفقنا
وأخذنا القرار.
وركبت الطائرة في اليوم التالي متوجها إلى
المغرب، وعدت في اليوم نفسه إلى بيروت.
ولأنني كنت "معصّب"، وقعت في الحمام وكسرت
كتفي، هذه قصة كتفي. في هذه الأثناء يتصل
بي شيراك ليطلب مني عدم السير بالتمديد في
المجلس النيابي، وقال لي نحن أصدقاء ونحن
نرفض هذا الأمر، فقلت له "ماشي الحال"
اتخذت قراري. |