أعرب البطريرك الماروني مار
بشارة بطرس الراعي عن تخوّفه من الوصول
إلى "حكم الإخوان المسلمين في سوريا، لأنّ
المسيحيّين سيدفعون الثمن".
وقد وصل الراعي بعد ظهر أمس إلى "لورد"،
وهي المحطة الثانية في زيارته لفرنسا،
يرافقه المطارنة: سمير مظلوم، بولس مطر،
جورج أبو جودة، الوكيل البطريركي في باريس
المونسنيور سعيد سعيد، الخوري أنطوان جبر،
ومسؤول البروتوكول والإعلام في الصرح
البطريركي في بكركي المحامي وليد غيّاض.
ولدى وصوله، رأس قدّاسا احتفاليّا في
بازيليك سيّدة الورديّة، عاونه فيه عدد من
المطارنة والكهنة.
بعد الإنجيل المقدّس، ألقى الراعي عظة
تحدّث فيها عن "العلاقة التاريخية التي
تربط فرنسا بالكنيسة المارونيّة"، مؤكّدا
أنّ "هذه العلاقة صادقة ومتينة". وقال: "علينا
جميعا التعلّق بالإيمان لأنه خلاص الشعوب،
وندعو إلى الصلاة ليساعدنا الله والقدّيسة
مريم ليعمّ السلام والأمان والطمأنينة
لبنان والعالم كلّه، خصوصا في ظلّ ما يحصل
في المنطقة العربية ومن حولنا من حروب
وويلات لا أحد يعرف نهايتها ومصيرها
وانعكاساتها على الدول المجاورة".
وبعد القدّاس، أقيم زيّاح في ساحة
البازيليك وقد أضاء الراعي شمعة على
المذبح حيث ظهرت السيّدة العذراء.
وفي السادسة مساء، زار البطريرك والوفد
المرافق رئيس بلدية "لورد" جان بيار
أرتيغاناف، عارضا للوضع في لبنان، وقال: "إنّ
اللبنانيين يعيشون بعضهم مع بعض مسيحيّين
ومسلمين، متحابّين ومحافظين على رسالتهم،
رسالة العيش المشترك".
ولفت إلى أنّ "على رغم أنّ لبنان تعذّب
كثيرا أثناء الوجود السوري فيه، فما
يهمّنا اليوم في لبنان أن تعيش سوريا
بسلام وحسن الجيرة. صحيح أنّ سوريا خرجت
من لبنان بجيشها، إلّا أنّها لا تزال على
علاقة مع بعض اللبنانيين الذين لهم مصالح
سياسية مشتركة. وإنّ المشاكل التي تحصل
اليوم في سوريا بدأنا ندفع ثمنها
كلبنانيين لجهة إقفال الحدود بين سوريا
وعدد من الدول، حيث بتنا لا نستطيع تصدير
المزروعات والمنتجات اللبنانية عبر الحدود.
وإذا تأزّم الوضع في سوريا أكثر ممّا هو
عليه، ووصلنا إلى حكم أشدّ من الحكم
الراهن كحكم الإخوان المسلمين، فإنّ
المسيحيين هناك هم الذين سيدفعون الثمن
سواء أكان قتلا أم تهجيرا. وها هي صورة
العراق أمام أعيننا".
وشدّد الراعي على أنّ "أبناء لبنان يعيشون
متساوين، مسلمين ومسيحيّين، على كلّ الصعد
السياسية والاجتماعية. وإذا تغيّر الحكم
في سوريا وجاء حكم للسنّة فإنّهم
سيتحالفون مع إخوانهم السنّة في لبنان،
مما سيؤدي إلى تأزم الوضع إلى أسوأ بين
الشيعة والسنة".
وأكّد أنّ "ما يهمّ الكنيسة هو عدم حصول
أيّ عنف لأنّنا هذا ما ننبذه. وإننا في
الشرق لا نستطيع تغيير الديكتاتوريات إلى
ديمقراطيات بسهولة، وإنّ قضايا الشرق يجب
أن تحلّ بعقلية أهل الشرق"، مشيرا إلى أنّ
"المخاوف كثيرة في ظلّ ما يحصل في المنطقة،
وصورة العراق أماما أعيننا حيث يقتل
المسيحيّون"، مبديا تخوّفه من "هجرة
المسيحيّين من الدول العربية".
ولاحظ أنّ "كل الدول تقول إنّها مع
الأقلّيات في هذه البلدان، لكنها في
الحقيقة، لا تفعل شيئا، باستثناء فرنسا
التي أكّد المسؤولون فيها عدم ترك
المسيحيّين والأقلّيات"، معتبرا أنّ "الدول
الكبرى لا يهمّها إلا مصالح إسرائيل، وما
يحصل من تفتيت للدول العربية هو لصالح
إسرائيل".
وسأل الراعي: "عن أيّ ديمقراطية يتحدّثون؟
خصوصا في ظل ما يحصل في العراق، فإنّهم
يستعملون الديمقراطية كشعار لتغطية ما
يقومون به. ولماذا لا تريد الدول الكبرى
أن يقف لبنان على رجليه؟ لماذا لا يتمّ
تسليح الجيش فيه ولا يتمّ تنفيذ قرارات
مجلس الأمن الدولية، خصوصا لجهة عودة
الفلسطينيين إلى بلادهم، فلبنان لا يمكن
أن يتحمّل توطينهم، بل يجب أن تكون لهم
دولة عادلة".
مؤتمر أساقفة فرنسا
وكان الراعي أعرب عن تفهّمه لموقف الرئيس
السوري بشّار الأسد، وفي الوقت نفسه عن "خشيته
من مرحلة انتقالية في سوريا قد تشكّل
تهديدا لمسيحيّي الشرق". وقال خلال مؤتمر
أساقفة فرنسا: "كنت آمل لو يعطى الأسد
المزيد من الفرص لتنفيذ الإصلاحات
السياسيّة التي بدأها"، موضحا: "في سوريا،
الرئيس ليس شخصا يمكنه أن يقرّر الأمور
لوحده. لديه حزب كبير حاكم هو حزب البعث.
الأسد كشخص إنسان منفتح. تابع دراسته في
أوروبا، وتربّى على المفاهيم الغربيّة.
لكن لا يمكنه القيام بمعجزات لوحده".
أضاف: "لقد عانينا نحن من النظام السوري.
لا أنسى ذلك، لكن أريد أن أكون موضوعيّا.
فهو بدأ سلسلة من الإصلاحات السياسيّة،
ومن المفترض إعطاء مزيد من الفرص للحوار
الداخلي ولدعم الإصلاحات اللازمة وأيضا
تفادي أعمال العنف والحرب".
وأكّد "أننا لسنا مع النظام، لكنّنا نخشى
المرحلة الانتقالية"، وقال: "علينا أن
ندافع عن المسيحيّين وأن نقاوم بدورنا". |